التسلط على العبيد وإن كثروا؛ وهي عند الناس جميعاً أولى، ولا سيما لذوي الفهم والأخطار. وأنت حقيقٌ أن تسل سخيمة «١» العامة، بما تذيفهم من رفق تدبيرك، وتضعه عنهم من مكروه العنف والخصاصة «٢» ؛ فإن العبيد إذا عرضوا على المشترين لا يسألون عن يسارهم وجاههم، وإنما يسألون عن أخلاقهم،: وهل فيهم فظاظة؟ فالأحرار أجدر أن يتعرفوا ذلك، وأن يعروا منه إذا كان ذلك في السلطان؛ ولذلك ما يصيرون «٣» إلى خلعه والوثوب عليه. وإذا ظهرت على فئةٍ فضع من أوزار الحرب وأوزار الغضب، لأنهم في تلك الحال كانوا عدوا، وفي هذه الحال صاروا خولاً. فقد ينبغي أن تبدلهم من الغضب رحمةً وعطفاً. وقد ينبغي للسلطان أن يعرف مقدار الغضب، فلا يكون غضبه شديداً طويلاً، ولا ضعيفاً قصيراً، فإن ذلك من أخلاق السباع، وهذا من أخلاق الصبيان. ومن كبر الهمة أن يكون الملك متعطفاً على الناس، فإنه بالعطف والرحمة ينبل ويبعد صيته. وأنا أعرفك على هذا المذهب، ولكني لا آمن أن تتوانى «٤» فيه، مما جرى عليك من ناسٍ كثيرٍ من سوء المشورة؛ فإن كثيراً من الناس يشيرون- إذا استشيروا- بغير ما يشاكل المشار عليه، بل بما يشاكلهم، وليس بما ينتفع به في الأمر الحادث، ولكن بما يخصهم نفعه في أنفسهم. وأنا أحب لك أن تقتدي برأي أسندوس حيث يقول: إن فعل الخير في الجملة أفضل من فعل الشر، ومن يستطيع أن يغلب الشر بالخير دون الشر، فهي أشرف الغلبتين؛ لأن الغلبة بالشر جلدٌ «٥» ، والغلبة بالخير فضيلةٌ. واعلم أنه قد أمكنك أن تودع