إليه:«لم أهزل في أمر ولا نهي ولا وعيد، واستكفيت للكفاية، وأثبت على الغناء لا على الهوى، واودعت القلوب هيبة لم يشبها مقتٌ، ووداً لم يشبه كذب، وعممت بالقوت، ومنعت الفضول»«١» .
قيل: لما أراد الإسكندر الخروج إلى أقاصي الأرض قال لأرسطا طاليس:
أخرج معي؛ قال: قد نحل بدني، وضعفت عن الحركة، فلا تزعجني. قال:
فأوصني في عمالي خاصةً. قال: أنظر من كان منهم له عبيد فاحسن سياستهم.
فوله الجند، ومن كانت له ضيعة فأحسن تدبيرها فوله الخراج.
عن عوانة قال: قال زياد بن أبيه: ما غلبني معاوية في شيء من أمر السياسة إلا في شيء واحدٍ، وذاك: أنني استعملت رجلاً على دست ميسان، فكسر الخراج ولحق بمعاوية، فكتبت إليه أسأله أن يبعثه إلي، فكتب إلي:
«بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فإنه ليس ينبغي لمثلي ومثلك أن نسوس الناس جميعاً بسياسةٍ واحدةٍ: أن نشتد جميعاً فنخرجهم «٢» ، أو نلين جميعاً فنمزجهم؛ ولكن تكون أنت تلي الفظاظة والغلظة، وأكون أنا ألي الرأفة والرحمة؛ فإذا هرب هارب من بابٍ، وجد باباً فدخل فيه. والسلام» .
قال بعض الحكماء: منازل الرأي أربعة: التقدم في الأمر قبل حلوله، فإن قصر فيه فالجد عند وقوعه، فإن قصر عن ذلك فالسعي في التخلص منه، فإن قضر فيه فليس إلا بذهاب الزمان الذي يذهب بنفع صواب الرأي.
روي أن بعض ملوك الفرس سأل حكيماً من حكمائهم: ما شيءٌ يعزّ به