للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأحزاب والجماعات في الوطن العربي كله، وسار تيار ينادي بالحرية والتخلص من النفوذ الأجنبي، والتحرر من الاستبداد السياسي.

وانطبعت دعوة الإصلاح في مصر بطابع إسلامي واضح، وبرز في ظلها التيار القومي متميزًا بملامحه في كتابات مصطفى كامل في الصحف ودعوته لحضور المؤتمرات في أوربا ١٨٩٣، وإنشاء جريدة "اللواء" ١٩٠٠، وإعلان قيام الحزب الوطني رسميًّا ١٩٠٧. وأخذ يثير حماس الجماهير بعباراته الوطنية التي تؤجج العواطف مثل: "بلادي بلادي، لك حبي وفؤادي، لك حياتي ووجودي، لك دمي ونفسي، لك عقلي ولساني، لك لبي وحياتي، فأنت أنت الحياة، ولا حياة إلا بك يا مصر".

وفي الشام -سوريا ولبنان- بدأت حركة كيان الأمة والوطن التي تطورت ١٩١٤ في قرارات المؤتمر العربي الأول الذي عقد بباريس إلى قيام "الحكومة المركزية" التي تعطي للوطن السوري مقدراته السياسية دون الانفصال عن كيان الدولة العثمانية، ولعل السر في ذلك أن علاقة مصر والشام بالدولة العثمانية لم تكن علاقة الدولة المستعمرة بدولة محتلة.

وحرص المصلحون في دعواتهم على دعم الروابط مع الدولة العثمانية -رغم أخطائها- من أجل القضاء على مؤامرة النفوذ الأجنبي وخطته في تقسيم ميراث الدولة العثمانية الذي تحقق قبيل الحرب العالمية الأولى، حيث وقعت العراق في قبضة بريطانيا، وسوريا ولبنان في قبضة فرنسا، ومنح اليهود وعد بلفور لإقامة دول فلسطين، وقبل ذلك سقطت مصر والسودان ١٨٨٢، كما استولى الفرنسيون على الجزائر ١٨٣٠ وتونس ١٨٨٢ والمغرب ١٩١٢، واحتل الإيطاليون ليبيا.

وهكذا امتلأ العصر بالأحداث، وعج بالثورات، وترددت فيه أسماء العديد من المصلحين من أمثال جمال الدين الأفغاني المصلح السياسي والاجتماعي، ومحمد عبده المصلح الديني، وعبد الله النديم المصلح السياسي الاجتماعي، وأديب إسحاق صاحب الدعوة إلى مجانية التعليم، وعاشق الحرية، وقاسم أمين محرر المرأة ١٨٩٨، وعبد العزيز جاويش من رواد الإصلاح الاجتماعي، وغيرهم.

<<  <   >  >>