للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: في الكاريكاتير

...

ثالثًا: فن الكاريكاتير

لون من التعبير الساخر بالصورة الموحية عن خبر أو حدث أو موقف أو فكرة أو موضوع. اشتق من الكلمة "كاريكاتير" -لاتينية أو إيطالية- التي تعني الرسم الساخر الذي يبرز العيوب, تقول المعاجم عنه بأنه: "عبارة عن صورة يراعى فيها التهويل في إبراز السمات الواضحة أو الشاذة بنية إحداث أثر ضاحك أو ساخر".

للكاريكاتير فلسفة خاصة ذات طابع اجتماعي تجعله فنا إنسانيا مؤثرًا، يعالج مظاهر الحمق، وضروب الظلم، وألوان الانحراف، ويشيع البسمات في قلوب الملايين, واستخدام التعبير بالصورة عرفه المصريون القدماء، كما عرفه اليونانيون منذ العصر الهيلنستي، وسجله الشعراء العرب في صور ضاحكة، فهذا ابن الرومي يصور الفقر فيقول:

يقتر عيسى على نفسه ... وليس بباق ولا خالد

ولو يستطيع بتقتيره ... تنفس من منخر واحد

ساد فن الكاريكاتير خلال عصر النهضة -الخامس عشر والسادس عشر الميلادي- لتأكيد أهمية الفرد نحو إظهار شخصيته بمختلف الأساليب. وأول من رسم صورًا مضحكة الفنان الإيطالي "أنيبال كاراكش" ١٥٦٠-١٦٠٩ثم "جيوفاني لوثر لوزتر دنيتي" ١٥٩٨-١٦٨٠ واستخدمه "جورج تاوتسهند" الإنجليزي في الهجوم على خصومه السياسيين، وتبعه "وليم هوجاريت" فمنحه حيوية جديدة. وعرفته فرنسا على يد الفنان "شارل فيليبيون" في مجلة أسبوعية أطلق عليها: "الكاريكاتير" ثم في صحيفة يومية تسمى "الشار يفاري" أصدها ١٩٣٢. ومن ثم انتشر الكاريكاتير في معظم أقطار العالم، واتسعت لوحاته الساخرة، وشملت مضامين الحياة المختلفة، وأصبح من أدوات النقد السياسي والأخلاقي.

اقتبسته -في البداية- معظم الصحف اليومية من صحف الغرب، وعالجت من خلاله فساد المجتمع وعيوب الحكم بالصورة الساخرة، واللقطات الضاحكة. وفي ١٩٢٥ برزت الفكاهة الكاريكاتيرية على يد الفنان العالمي "سانتس" والفنان الأرمني "صاروخان" الذي كون مدرسة من أبرز تلاميذها: عبد السميع ورخا وصلاح جاهين وغيرهم مما نرى رسوماتهم الضاحكة وصورهم الساخرة في الصحف التي نقرؤها صباح كل يوم, وبلغ الكاريكاتير قمته عندما توسعت صحف الأحزاب في استخدامه بين عامي ٣٧/ ١٩٣٨، ووقف الكتاب منه بين معارض مثل محمد حسين هيكل، ومؤيد مثل طه حسين الذي لم يجد بأسًا في استخدامه.

ولم يصور الكاريكاتير -في أول أمره- فكرة أو حدثًا أو موضوعًا، وإنما انحصر في الرسم المجرد، والتعليق الذي يكتب تحته هو الأصل في النكتة، وبه يتمكن الفنان من ذبح خصومه بالفكاهة المصورة، وهدم

<<  <   >  >>