للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الطور الأول]

نعني به الفترة التي نشأ المقال خلالها في ظل الصحف الرسمية التي أصدرتها الدولة، أو أعانت على نشرها منذ عهد محمد علي حتى قيام الثورة العرابية. في هذا الطور سيطر السجع الغث، والتكلف الزائف على أقلام الكتاب، وسادت المحسنات البديعية المقالات: السياسية والاجتماعية والتعليمية والأخبار الداخلية والخارجية. ولذا لم ينجح المقال في علاج المشكلات التي عانى الشعب منها، ولم يلفت نظر الجمهور لما يدور حوله من قضايا وأحداث.

وأبرز كتاب هذا الطور: رفاعة رافع الطهطاوي، وعبد الله أبو السعود، وحمد أنس أبو السعود، وميخائيل عبد السيد، وسليم عنموري. نشر هؤلاء مقالاتهم في الوقائع المصرية ١٨٢٨، ووادي النيل ١٨٦٩، وروضة الأخبار ١٨٧٥، والوطن ١٨٧٧، ومرآة الشرق ١٨٧٩ على التوالي.

ولكي تدرك سيطرة الأسلوب المسجوع على أقلام الكتاب خلال هذا الطور، اقرأ وصفا لحادث داخلي، جاء بأحد أعداد الوقائع ١٨٦٥: "أن أناسا من اللئام، سفلة الأنام، ارتضوا بالخزي وارتكاب الآثام، فاستبدلوا الاشتغال بأنواع الكسب الحلال بالاشتغال بالحرام والعار، والدوران في القرى والأمصار، وكلما صادفوا أناسا على فطرتهم وحسن نياتهم، تحيلوا على اصطيادهم بتحيلاتهم، وعملوا طرق الخديعة والختل في سلب عقولهم، بإحدى المغيبات المشهورة بين الناس بالتاتورة، فيضعونها في شيء من المأكولات، ويطعمونها أصحاب العقول الناقصة بدون شعور، وبعد الحصول على ما معهم يفرون".

وهكذا كان السجع يسيطر على الخبر المترجم سياسيا أو غير سياسي، ولا يخلو من الكلمات الأعجمية.

<<  <   >  >>