للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: زكي نجيب محمود ١٩٠٥؟

من أكبر الوجوه التي لعبت دورًا رئيسيا في حياتنا الجماعية والثقافية وخاصة في الفكر العربي منذ الحرب العالمية الثانية حتى اليوم. شارك في العمل الثقافي من خلال لجنة التأليف والترجمة والنشر التي قدمت عددًا كبيرًا من الكتب الجادة في الفلسفة والأدب والاجتماع إلى اللغة العربية، فحقق معنى التعاون الفكري مما أكسبه ثقة الجميع.

اهتم منذ الستينات بتعريف المذاهب الفلسفية المعاصرة وتعميق المفاهيم العامة، فتخطى الحواجز الجغرافية والإقليمية. حاول من خلال اتجاهه أن يوجد صلات بين الفكر العربي والفكر الغربي في منهج عقلي، دون نظر إلى العصبيات الإقليمية أو العرفية, وبرز هذا الاتجاه في كتبه: تجديد الفكر العربي، وثقافتنا في مواجهة العصر، والمعقول واللا معقول في تراثنا الفكري.

يقاس فكر زكي نجيب محمود بالكم الضخم من الإنتاج، وبالتأثير الشامل الذي أحدثته أراؤه وإضافاته إلى عالمنا بوضعيته الحقيقية القائمة من حولنا. وتعد كتب هذا المفكر من الأدب العالمي لتناولها الشخصيات العالمية الفلسفية، وتقريب الوضعية والتجريبية والتحليلية، والمذاهب الغربية والعربية. وجهوده في الإشراف على الترجمات والموسوعات وأمهات الكتب لا تحتاج إلى تعريف.

أسلوب زكي نجيب محمود:

جمع زكي نجيب محمود مقالاته في كتب منها: الثورة على الأبواب، وقشور ولباب وجنة العبيط، وفلسفة وفن، أكد في كتابه الأخير مذهبه الوصفي العلمي في الفلسفة، وعمقه خلال فكرته عن الأدب والفن باعتبارهما من ضروب الخلق المبتكر الجديد. وليست مقالاته سردًا لغويا، أو صورًا بيانية، ولكنها فنون أدبية تعبر عن أهم التصورات التي تسيطر على العقل الإنساني في إحدى الفترات، وتناولت مقالاته مجال التطور التاريخي الاجتماعي للمنطقة العربية، وقضايا المعرفة، وطبيعة العقل ومنهجه في التفكير، وجاء أسلوبه فيها أجمل ما عرفته العربية في هذا المجال، ولا زال حتى اليوم أنفذ الأساليب وأقربها إلى قلب القارئ في أدبنا المعاصر، وأهم سماته ما يلي:

١- دسامة الموضوع، وخصوبة التفكير، وسهولة التعبير، مما يكشف عن سعة اطلاعه، وكثرة قراءته.

٢- تغلب عليه نزعة الفكرة، لطول معالجته للفلسفة، وعكوفه على دراستها، وتفهم قضاياها.

<<  <   >  >>