هناك شيء واحد يبدو من وراء الألوان والخطوط والألفاظ والأصوات؟ وهل الجمال كامن في الأشياء أو أنه متوقف على شعورنا إزاءها؟ وليس غرض الفلسفة تمييز معالم الجمال وتعيين مواقعه وإنما غرضها أشمل من ذلك وهو تحليل صفة الجمال ذاته ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا، ويرى البعض أن الجمال غير قابل للتحليل وأنه صفة ملازمة للأشياء الجميلة لا يسبر عمقها ولا يدرك مداها، والذي يجعل قيمة لمثل هذا الرأي هو أن بعض الحقائق العلمية أو التاريخية قد تكون من التعقيد والغموض بحيث تتشعب فيها الآراء ويطول حولها الجدل، وعندما تتوافر المعلومات تتقارب وجهات النظر ويبطل الخلاف، ولكننا نحارب كيف نثبت لإنسان جمال الزهرة أو نقنعه بروعة النجوم ورغم ذلك فإننا نعتقد أنه لا بد أن يكون هناك فيصل بين الحق والباطل في هذه المسائل، والفلسفة لا تكتفي بإرجاع الأمر إلى الذوق وإنما تحاول أن تعلل وتفسر"١.
وبهذا وغيره كان المرحوم علي أدهم رائدًا من رواد الفكر المتنوع والثقافة الموسوعية الشاملة، قرب منابع الثقافة الأوروبية لأبناء العربية. ومن ثم قال العقاد عنه في المقدمة التي كتبها لكتابه "صقر قريش" إنه "رجل يدرس التاريخ ينظر الفيلسوف، ورؤية العالم، وحماسة الأديب، ويعرف مذاهب الفلاسفة العظام في أسرار التاريخ ما ليس يعرفه عندنا غير أفراد معدودين".
١ راجع: بين الفلسفة والأدب ص٩٧-١٠٢ طبعة دار المعارف.