للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنا لا أعرفه فلا أريده". ثم مضى شهران، وفي أول الثالث زفت المجهولة على المجهول، ثم مضى شهران، فدخل عليها زوجها يومًا، وفي يدها صورة رجل مكشوف الرأس، عليه ثياب قواد الجنود، وفي يده قبعة، فغار دم زوجها، وثار غضبه، وأدركته غيرة الزوج، فعمد إلى خنجر كان يحمله فشق به بطن امرأته، فإذا هي جسد بلا روح. ولما تأمل الناس ورجال القضاء الصورة التي أغضبت الزوج، إذا هي صورة واشنطن الشهير محيي مجد أمريكا.

وأما التي قتلها الحجاب فلقد تزوجها رجل من أهل "أدنة" شديد الغيرة، دخلت بيته ليلة زفت إليه، ولم تخرج منه أبدًا، حتى إذا مرضت وثقل عليها المرض، واشتد الألم، دعا زوجها طبيبًا وأخذ يصف له ما تشكوه، فقال: "أنا لا أداوي على السماع، ولا بد من رؤية المريضة، وفحص موضع العلة، فأبَى الزوج الأبي ذلك، وما مضت أيام قلائل إلا وقد أزروها في أكفانها، وشيعوها إلى منزلها الأبدي من ضريح إلى ضريح.

وأعرف نوادر غير هذه لا أكلف نفسي ألم ذكرها، ولا أهب القراء كمد العلم بها. هذا فؤادي كالبركان، له أيام يثور فيها، وله أيام يسكن فيها، وكم لي عند الأيام من ثارات، ولكن ضعف الطالب وعز المطلوب.

على أنني راضٍ بأن أحمل الهوى وأخلص منه لا على ولا ليا فواعجبا! الله يخلق هذه الصورة فيمسح عليها من الجمال ما يستخف لب الحكيم ويودع تلك الأرواح لطف الإلهام ونور اليقين، فإذا هي تكاملت في أشكالها، تخاطفتها أيدي المتغلبين فقالوا: "هذا متاع حسن ولهو، ومسكن لذة، ومستقر هوى! "ظلال في ظلال".

أما لو كان في الغانيات مثل جورج ساند، ومثل مدام ذونو أي١ لتقاعست هم المستبدين. رأيت رجالًا يبذرون المال تبذيرًا، فإذا أقاموا


١ أديبتان فرنسيتان شهيرتان.

<<  <   >  >>