للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الحاكم، وهو طلب عمر بن الخطاب تقويم اعوجاجه، ومما يدل على وجوبه على المحكوم، هو إجابة الصحابي بقوله: والله لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بسيوفنا، فإنه لا يجوز استعمال القوة إلا بعد الأعذار بالإرشاد والهدى.. وإن الشورى لا تنجح إلا بين من كان لهم رأي عام يجمعهم في دائرة واحدة، كأن يكونوا جميعًا طالبين تعزيز مصالح بلادهم فيطلبونها من وجوهها وأبوابها. فما داموا طالبين هذه الوجوه فهم طلاب الحق ونصرائه، فلا يلتبس عليهم بالباطل، ولا لوم عليهم إذا لم يأت مطلوبهم على غاية ما يمكن من الكمال.

وإن استعداد الناس لأن ينهجوا المنهج الشوري غير متوقف على أن يكونوا مندوبين في البحث والنظر على أصول الجدل المقررة لدى أهله، بل يكفي كونهم نصبوا أنفسهم، وطمحت أبصارهم للحق، وضبط المصالح على نظام مرافق لمصالح البلاد وأحوال العباد.. إن شأن الحكومة ليس إلا أن تطلق للناس عنان العمل فيعملون لأنفسهم ما يعلمونه خيرًا، فإن أية حكومة قيل أنها عادلة حرة، لم يكن لها أن أباحت للناس أن يدخلوا في أي باب من أبواب المنافع، ويطلبوا الخير الحقيقي بكل وسيلة"١.

من فقرات المقال يتضح لك أسلوب الإمام الذي يقلب الفكرة على وجوهها مع قوة الحجة وسلامة التعبير وسهولة الألفاظ وجمال العبارة وحرارة الإيمان فيما يُسطر من خواطر وأفكار.


١ راجع: تاريخ الإمام ج٢ ص١٩٦ وما بعدها.

<<  <   >  >>