للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- يحلق في أجواء عليا من الخيال، تسمو به إلى الشعر المنثور.

٢- معرض زاخر بمقاطع مختلفة لا حد لها مثل ما جاء بمقاله "مساء العيد" "قلت ومن أنت؟ قال وفي صوته هدير مياه غزيرة: أنا الثورة التي تقيم ما أقعدته الأمم, أنا العاصفة التي تقتلع الأنصاب التي أثبتها الخيال, أنا الذي جاء ليلقي في الأرض سيفًا لا سلامًا".

٣- يعتمد على العاطفة المتأججة، والمشاعر الملتهبة، كأنه يتقلب على جمرات نار.

٤- لا يقف عند لون واحد، فتراه متهكمًا وساخرًا حينًا، ولاذعًا ومتمردًا حينًا آخر، وجريئًا وصريحًا ومتجددًا حينًا ثالثًا.

٥- تتوفر فيه عناصر الجمال، وأسباب الجاذبية، وقد لخصها في كتابه "رمل وزبد": "إذا وجدت في نفسك ميلا للكتابة -ولا يعلم سر هذا الميل إلا القديسون- فلتكن فيك المعرفة والفن والسحر معرفة موسيقى الألفاظ، وفن البساطة والسذاجة، وسحر محقيه قرائك".

ونسوق إليك صورة بيانية من صور جبران المنبثة في كتبه التي أربت على العشرين، لكي تقف على أسلوبه في نثره المجنح. وصف مدينة "نيويورك" عندما يطلع الصباح فقال: "قد جاء الصباح وانبسطت فوق المنازل المكردسة أكف النهار الثقيلة، فأزيحت الستائر عن النوافذ، وانفتحت مصاريع الأبواب، فأتت الوجوه الكالحة والعيون المعروكة، وذهب التعساء إلى المعامل، وداخل أجسامهم يقطن الموت بجوار الحياة، وعلى ملامحهم المنقبضة قد بان ظل القنوط والخوف، كأنهم منقادون قهرًا إلى عراك هائل مهلك, ها قد غصت الشوارع بالمسرعين الطامعين، وامتلأ الفضاء من تلقلة الحديد، ودوي الدواليب، وعويل البخار، وأصبحت المدينة ساحة قتال، يصرع فيها القوي الضعيف، ويستأثر الفتى المظلوم بأتعاب الفقير المسكين".

وحسب جبران أن معظم أبناء العالم العربي احتذوا أسلوبه، وحاكوا عبارته على الرغم من بعده عنهم في مهجره البعيد، كا اجتذب أسلوبه الأنجليزية الناطقين بها، فأصبح علما في الادبيين: العربي والانجليزي، ويتمتع بمكان مميز ملحوظ.

<<  <   >  >>