للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"خيل إلي أن التيمس تقترض ضمنًا أن عدد الإنجليز في الوظائف الكبيرة بمصر ضئيل، أو على الأقل لا يذكر بجانب المصريين, بحثت وبحثت حتى وصلت إلى نتيجة وقفت أمامها مذهولًا متحيرًا ... في مكتبات الوزارة كتيب صغير، غير الكتيب الأصفر، حصرت فيه أسماء الموظفين المصريين والأجانب، حدقت في كتيب منهما، وأخذت أجمع وأطرح، ١٥٠ مصريون ... أي: إن عدد الإنجليز ثلاثة أضعاف المصريين, وقد وفد علينا في هذين ليومين جيش جرار من شباب إنجليز زاحمنا حتى في أصغر وظائف مصرنا العزيزة".

"وصارت حكومتنا مع الوافدين على النصف الثاني من المبدأ المشهور: "أحرار في بلادنا، كرماء لضيوفنا" فألحقتهم بالوظائف الفنية وغير الفنية ... وترتب على ذلك خروج عدد من الموظفين المصريين, التجئوا للمحاكم طالبين العدل، وكان دفاع الحكومة، ولا يزال يتلخص في كلمتين "رفتناه للاستغناء" ولو أنصفت لقالت: "رفتناه للاستبدال""١.

وجاء المقال مفاجأة لأصحاب الأساليب الصحفية السياسية، وأخذ يتردد في الأوساط والأندية، مما جعل "تقلا باشا" صاحب الأهرام، يبرق إليه، ويضمه لأسرة التحرير في يناير ١٩٢٠، وأخذ يزود الأهرام بمقال أسبوعي متتابع.

بهذا المقال وغيره جعل فكري أباظة من قضية الوطن قضيته الأولى الذي يهتم بها فوقف في البرلمان المصري -مجلس الشعب- يدافع عن الحرية والاستقلال، وهاجم في كتاباته الانحراف الحزبي والاستغلال للجامعة المصرية، وتبنى مشاكل العمال والفلاحين، فاستحق أن يكون -بحق- فارس المعارضة في البرلمان المصري، وفارس القلم النبيل في عالم الصحافة في جو تسوده الجهامة والجو المضطرب الصاخب في كل مظهر من مظاهر الحياة اليومية إذ ذاك.


١ راجع: الأهرام، العدد الصادر في ٥/ ١٢/ ١٩١٩.

<<  <   >  >>