للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغطرسة الإنجليز وتصرفات مندوبيها، وتناولت الجانب الخلقي والاجتماعي بالنقد والتحليل والسخرية كما اهتمت بنقد بعض الشخصيات البارزة.

وخلال الفترة من ١٩٢٠-١٩٤٠ وسعت الصحف اليومية بعض الفكاهات السياسية -في صحف الأحزاب- اللاذعة المتقنة تحريرًا وإعدادًا على يد نفر من كبار الأدباء وأمراء الفكاهة في مصر من أمثال: سليمان فوزي، ومحمد إبراهيم جلال، وعبد العزيز البشري، ومحمد الههياوي، وحسن شفيق المصري، وحافظ إبراهيم، وأحمد فؤاد، وإمام العبد، وإبراهيم عبد القادر المازني، ومحمد السباعي، وفكري أباظة، وغيرهم من فرسان الفكاهة، وأصحاب الأقلام الساخرة، والأسلوب الضاحك.

وأهم الصحف الفكاهية التي ظهرت في هذه الفترة، وكانت وعاء الأسلوب الساخر هي مجلة "الكشكول" التي أصدرها سليمان فوزي في ١٩٢١، و"خيال الظل" ١٩٢٤ لأحمد حافظ عوض، ومجلة "الفكاهة" ١٩٢٦ عن دار الهلال برياسة حسين شفيق المصري، ثم مجلة "ألف صنف والبغبغان" و"السيف والناس والمسامير" ثم أدمجت السيف مع الناس، وصدرًا باسم "السيف والناس" ولم تعمر طويلًا، ثم مجلة "الراديو والبعكوكة" ١٩٣٤ لمحمد عزت المفتي، كذلك كانت مجلتا "الصرخة والمطرقة" من المجلات الفكاهية التي لقيت رواجًا كبيرًا بين القراء لفترة طويلة.

عبرت الصحف الفكاهية عن حياة الشعب المصري، ونقدت تقاليده البالية نقدًا لاذعًا، واتخذت الأسلوب الساخر السياسي وغير السياسي، واستهدفت من ورائه التنديد بالأغنياء والبخلاء والحكام المنحرفين، والساسة الذين يعملون لمصالحهم، واعتمد أصحاب الأسلوب الساخر -كتابًا ورسامين- على عدة أساليب أهمها:

١- المبالغة في القول عن طريق المعر أو الفشر أو النتش.

٢- المغالطة التي تقوم على تصوير الأشياء على غير حقيقتها، إما جملًا أو تجاهلًا لها.

٣- المفاجأة وتكون بحدوث ما لم يكن في حسبان المخاطب.

٤- التلاعب بالألفاظ، أي: استخدام التورية، وهو الإتيان بكلمة لها معنيان: أحدهما ظاهر غير مراد، وآخر خفي وهو المراد.

ومن ثم كانت الصحافة الفكاهية مجال الأسلوب الساخر حينًا، والضاحك حينًا آخر، ونافذة تطل منها أوضاع المجتمع المضطربة، وتقدم النكتة الضاحكة، تفرج عن مكبوتات الشعب الذي يرى -أفراده- صورًا متفاوته بين غنى مسرف وفقر مدقع, وكان رجال الفكاهة وأصحاب الأقلام الساخرة فقراء غلبهم الفقر، فسخروا من الأغنياء، أو أذكياء أعماهم تفوق الأغبياء عليهم.

وعلى الجملة فقد سيطر الأسلوب الضاحك الساخر على صحافتنا خلال الثلاثينات، وما أحوجنا إليه اليوم بعد إطلاق الحريات، لنعالج به ظواهر التسيب وعدم الالتزام بعاداتنا وتقاليدنا الحسنة لدى بعض الأفراد والجماعات في وطننا الغالي.

<<  <   >  >>