للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- من فضلك إيه.

- من فضلك يعني.

- من فضلك. أنت عايز من فضلي إيه؟

- بس تسمح تنشرني في الجرنال.

- أنشرك بمناسبة إيه؟

- يعني تقول فلان؟

- أقول فلان ما له؟

- يعني تكتب فلان.

- يا سيدي فلان ده مبتدأ، وكل مبتدأ لا بد له من خبر، فلا بد أن نكتب فلان جرى له حاجة.

- نقول فلان جه عندنا في الإدراة.

- كل يوم بيجي في الإدارة خمسمائة واحد، ولا جرتش العادة بكتابة واحد منهم في الجرنال.

- أمال إيه الطريقة عشان تكتب.

- ذكر الأشخاص في الجرائد إنما يكون لمناسبة كالقيام بعمل عام أو خاص من إقامة حل عرس، أو لا سمح الله مأتم ونحو ذلك، فهل عزمتم على الزواج؟

- أنا متزوج.

- أعندك ولد قدمت على تزويجه، فتنشر لك نبأ عرسه؟

- ولدي ما زال صغيرًا.

- إذن فاختنه، واحتفل بختانه.

- سبق أن ختنته منذ مدة طويلة.

- لم يبق يا صاحبي إلا أن تمرض وننشر خبر مرضك وإبلائك.

- وحياة ابني، باين إن أشيتي عيانه.

- عيان بإيه؟

- يعني ما فيش مرض زي زمان!

- أنا لا أريد المرض الذي يلزم الفراش، ويستدعي الطبيب، وقلق الأهل والأصدقاء.

- طيب وأعمل إزاي في الحكاية دي؟

- قلت لي تعمل إزاي، وما عليك إلا أنك تروح من هنا على البلد، وتخليهم يحمو لك الفرن، وتفضل قدامه حتى يسيل عرقك، ثم تقوم فتستحم بماء بارد، ونحن ولله الحمد في صميم الشتاء، فتعيا بالحمى يومين أو ثلاثة، وتطيب بعدها، فنسوق خبر مرضك، ونزف للقراء بشرى شفائك.

- الله يخليك! الله يعمر بيتك؟ ١.

وهكذا صور البشري في مقاله الساخر قصة ناظر العزبة في براعة فائقة، وحوار شائق، وأسلوب أخاذ، وختمها -كما ترى- بدعاء الرجل للمحرر, ومن هنا جاءت كتابات البشري مزيجًا من الجد والفكاهة، تلتقي البساطة والرصانة في أسلوبه وكتاباته.


١ راجع: المقال في ص١٥٣ وما بعدها في العدد ٢٤ من سلسلة أعلام العرب، الخاص بالمرحوم عبد العزيز البشري للدكتور جمال الدين الرمادي.

<<  <   >  >>