للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"في تاريخه أدناه وأعلاه.. أنا الشاويش شعلان عبد الموجود في الساعة كذا، وأنا قاعد في القسم، حضر قدامى جدع طويل عريض زي الشحط، متهم في جناية خطف فرخة, وبدأنا نعمل المحضر اللازم، آه يا ناري..! ".

فهذا نموذج حافل بالصور المرحة، والفكاهة اللاذعة، والنقد الاجتماعي.

وتناول حسين شفيق المصري قضية "الشعر الحر" بأسلوب نافذ مفحم، نال من دعاتها وسخر منهم دون أن ندرك تأييده لهم أو معارضته. كتب تحت عنوان "ما وراء الغيب" من قصائد الشعر المنثور فقال:

ها هي الأبدية فاتحة ذراعيها لاحتضان الأجيال ...

وها هي أمواج الحياة تنكسر على شاطئ الكينونة الدائمة ...

وفي هذا المحيط الأثيري يسبح كل شيء ...

وكل شيء يرسب ويطفو في هذا الأوقيانوس اللا نهائي ...

والذين يصلون إلى الشاطئ تحتضنهم الأبدية، وتأخذهم إلى العالم اللا معروف ...

وهناك وراء الغيب تقابلهم الطبيعة مبتسمة.

ويجلس الكل على يسارها، إلا المحبين ...

فإنهم يجلسون على اليمين ...

وقصيدة أخرى عنوانها "ليلة الزفاف".

الحياة تبتسم بشفتيها القرمزيتين.

والسعادة مقبلة تجرجر أذيال الفخر السندسية.

ذات النقوش البديعية

والهناء واقف باسط ذراعيه يريد احتضان الفتاة البللورية الجبين ...

ما أجمل هذه النجمة المتفردة في الشمال الشرقي.

فوق منزل حبيبتي.

ما اسمك أيتها النجمة البراقة؟

إني أطير إليك بروحي لا قبل فملك الضيائي:

تلألئي أيتها النجمة كالوجه الجميل عند ابتسامة الفوز والغبطة, وليدم صفاؤك في السماء.

وسواء تعمد حسين شفيق المصري أن يهاجم الشعر الحر وينال من شعرائه أم لا, فإن كتاباته في هذا المجال فيض متدفق متجدد، بطريقة عملية، وأسلوب ساحر ساخر، فقدم لخصوم الجديد سلاحًا نافذًا في الصميم.

ومن هنا جمع المصري في أسلوبه بين الجد والهزل، والدعابة وخفة الروح ولا يخلو من عبرة التجربة، وتقديم النصيحة الواعية في أسلوب فني ساخر، يمنع ويثير ويقنع.

<<  <   >  >>