للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآن بين الأحياء لا يدري الناس أني مت منذ سنين، وأني غير متحرك كشمشون ملتون، أو جثة لم تجد من يدفنها، أو صورة باهتة لما كنته في حياتي".

وتحدثنا الدكتورة نعمات أحمد فؤاد عن شخصية المازني رغم هذه الأحداث التي نزلت به فتقول: "إنما تستمد قوتها وأسرها من روحه الأدبية وثقافته الممتازة، لا من مظهره الجسماني أو هيئته، لهذا كله لم تخلف العلة في نفسه المرارة التي خلفتها في نفس "بيرون" وأثارت نقمته على الحياة والناس, بل لعل ساقه التي هيضت في شبابه، كان من أسباب انزوائه واعتزاله وتفرغه للقراءة، مما أتاح له أن يظفر بقدر ضخم من الثقافة وإعمال الفكر والتأمل، وأن يكون واحدًا من الرواد الذين مهدوا لنهضة أدبنا المعاصر، يتميز إنتاجه الضخم بالأصالة والدقة والعمق"١.

أسلوب المازني:

تكشف آثار المازني عن أسلوب مشرق فكه ساحر وساخر، محبب إلى النفس، نابع من ثقافة عريضة، وموهبة قادرة على إذابة العامية في الفصحى، وينفرد بسخرية ناعمة، تجلوها روح الفكاهة المصرية العذبة الخالصة، وأهم ما يميز أسلوبه ما يلي:

١- البساطة في التعبير، واستخدام المألوف من الألفاظ، والمشهور من العبارات، وإظهار الألفاظ الدارجة في ثوب فصيح.

٢- العناية بالأمثال الشعبية، ورسم صورة للبيئة المصرية عامة, والقاهرية بصورة خاصة، وإيثار الدعابة المساخرة التي تمثل روحه.

٣- جمله قصيرة متلاحقة، وعباراته سلسلة شائقة.

٤- إيثار الألفاظ الغربية في معارض السخرية، أو إظهار المفارقة، أو الإضحاك، فنراه يخاطب المتعالي قائلًا: "أيها الفطحل" ويتحدث عن المتحذلق فيقول إنه من "الجهابزة" وعند امتلاء البطن يقول: "إنه شعر الكظة".


١ راجع: أدب المازني.

<<  <   >  >>