للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تأثره بالثورة الفرنسية وآراء الفرنسيين، إذ اقتبس تعاريف "مونتين" و"منتسكو" و"جان جاك روسو١".

وأعنف كتاب نادى بالحرية هو "طبائع الاستبداد" للكواكبي، فقد وضح فيه أثر الاستبداد في فساد الأخلاق والدين والتربية، مبينًا طريق التخلص منه فيقول: "إن الأمة التي ضربت عليها الذلة والمسكنة حتى صارت كالبهائم لا تسأل قط عن الحرية، وقد تنقم على المستبد، ولكن طلبًا للانتقام من شخصه، لا طلبًا للخلاص من الاستبداد، فلا تستفيد شيئًا، إنما تستبدل مرضًا بمرض كمغص بصداع, إذا كانت الغاية مبهمة في الأول، فلا بد أن يقع الخلاف في الآخر، فيفسد العمل أيضًا، وينقلب إلى فتن صماء، وانقسام مهلك، ولذلك يجب تعيين الغاية بصراحة وإخلاص، وإشهارها بين الناس، والسعي في إقناعهم، واستخلاص رضاهم بها، بل حملهم على النداء بها، وطلبها من عند أنفسهم٢".

وارتبطت مصر -حسب منطق الأحداث- بأوروبا صاحبة أكبر قدر من أسهم قناة السويس، مما ترتب عليه ظهور تيارات اجتماعية، وظواهر أدبية وسياسة في المجتمع المصري بواسطة من يذهبون لأوروبا أو يأتون منها, وشغلت الفكر -لأول مرة- مسائل مثل: رأى الدين في شرب الخمر ومشاهد الرقص والتمثيل، ولبس الزي الأوروبي، وحرية العقيدة والفكر، ومكانة المرأة في المجتمع، وموقف الدين من تعلم العلوم التطبيقية وغيرها، مما لا يستطيع الكثير إذ ذاك أن ينظر إليها نظرة بعيدة عن الدين، ودار حولها جدل ونقاش بين الكتاب والمفكرين وأصحاب المسارح، كانت ثمرته مقالات "حديث عيسى بن هشام" لمحمد المويلحي التي وضحت ما يجب أخذه أو تركه من الحضارة الأوروبية الوافدة.

ومع بوادر الحرب العالمية الأولى ١٩١٤ دخلت مصر مرحلة جديدة في صراعها مع الاحتلال وبدت واضحة في ثورة الشعب ١٩١٩ التي اقترنت بثورة


١ راجع: الدرر ص٣-٥ طبعة الإسكندرية ١٨٨٦.
٢ راجع: طبائع الاستبداد ص ١٧٢-١٧٧ الطبعة الأولى.

<<  <   >  >>