للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانحصرت الدعوة في تعليم الفتاة مبادئ القراءة حتى يمكنها الاطلاع على كتب الأخلاق، يقول الكاتب الحلبي فرنسيس فتح الله المراش: "ولا عجيب من جعل تربية النساء مقصورة على أبسط العلوم؛ لأن توغلهن في عباب العلوم، ينتهي إلى عكس المطلوب, بحيث تحذو حذو الرجال، وتصبح غير مكترثة لالتزاماتها نحو البيت والعيال، وربما عنّ لها أن تضع نفسها فوق الرجال١. ويقول أحمد فارس الشدياق: "فأما تعليم نساء بلادنا القراءة والكتابة فعندي أنها محمدة، بشرط استعماله على شروطه، وهو مطالعة الكتب التي تهذب الأخلاق، وتحسن الإملاء٢".

وهكذا بدأت دعوة تعليم الفتاة تشيع في مصر والشام في أواخر القرن الماضي، ومن أجلها فتحت المدارس، ومن ثم أخذت الدعوة تشق طريقها في الشرق العربي حتى تلقفها المرحوم قاسم أمين، وتبين الدعوة لها، وضمنها مقالاته التي جمعت -فيما بعد- في كتابيه "تحرير المرأة" الصادر في ١٨٩٩ و"المرأة الجديدة" الذي ظهر بعده بعام.

أثارت كتابات قاسم أمين عن المرأة وحقوقها جدلًا عنيفًا، شغل الرأي العام العربي خاصة في مصر والشام والعراق, لاصطدامها بالتقاليد الموروثة في بلاد العروبة إذ ذاك، ووقف الناس من دعوة قاسم أمين بين معارض ومؤيد.

"رمى المعارضون قاسم أمين على صفحات "اللواء" بأنه ممن تخطف زخاف التمدن بصائرهم، يرى المحاسن ولا يبصر المساوئ، ويقنع بأراء الدوق دراكور، ولا يقنع بمن هم أكثر شهرة وأوسع ثقافة وأوضح عقلًا من كتاب الغرب، مثل: جول سيمون وموليير ولامنس وزولا وهوجو وأمثالهم ممن هاجموا المرأة الأوروبية في حريتها التي عبثت بها٣".

"وتساءل البعض على صفحات الجرائد كيف أمكن لليابان أن تصبح


١ راجع: الاتجاهات الأدبية في العالم العربي الحديث جـ١ ص٥٩.
٢ راجع: الساق على الساق جـ١ ص٥٠.
٣ راجع: اللواء الصادر في ٢٤/ ١/ ١٩٠٨.

<<  <   >  >>