أو طائفة منه. ويعنى كتاب الأعمدة -في المقام الأول- بالموضوعات الإنسانية التي تحتاج إلى غزارة العواطف، والقدرة على التأمل في سلوك الناس، وتحليل هذا السلوك تحليلًا يقوم على قواعد علم النفس الحديث, ومن ثم أشبه كاتب العمود بالأديب في الأول -التأمل- والفيلسوف في الثاني -التحليل- وهو في الحالين يحتاج إلى قوة البيان وجمال الأسلوب وحلاوة التعبير والقدرة على ربط الأحاسيس وإدماج التأملات، حتى يستخرج منها مادة إنسانية تمتع العقول، وتريح المشاعر. وتغذي الوجدان.
ومن هنا كانت الأعمدة ذات الموضوعات الإنسانية أقرب المواد الصحفية إلى الأدب الخالص؛ لأنها تضم القيم الفنية الثلاث: عمق التفكير وغزارة الشعور، وجمال التعبير، ولذا لزم أن يتمتع الكاتب بتجارب ذاتية ومعارف إنسانية، واطلاع واسع وثقافة عريضة، وقدرة على التأمل حتى يحقق إسعاد الآخرين.
ويحتل العمود الصحفي مكانًا مرموقًا في صحفنا اليوم، ويأتي متطرفًا في أقصى الصحيفة على اليسار، أو في أعلى الصفحة الأخيرة من اليمين، وقد يحتل مكانًا واسعًا من الصحيفة. المهم في العمود الصحفي أن يكون مكانه وعنوانه وكاتبه ثابتًا, ولما كان العمود الصحفي لا يعدو أن يكون خاطرة عابرة أو فكرة طارئة أو رأيًا محددًا في مشكلة من مشكلات القراء في سطور قليلة لا استطراد فيها.
لذا لزم أن نقف على العنصرين الأساسيين للعمود الصحفي وهما: الخاطرة والفكرة، ونضيف إليهما فن الصور والكاريكاتير. تلك هي الألوان التي تحمل مشاعر الكاتب وعواطفه إزاء صور الحياة ومشاكلها، ونطالعها في الصحف كل يوم.