للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقاومة المحتلين، وهكذا مزج الفكاهة بالنقد، والجد بالهزل، فتبتسم حينًا، وتتألم حينًا آخر.

وكانت المجلة تهتم بالنكت التي تثير الضحك والسخرية, من ذلك ما دار بين حكيم عيون وآخر:

- أرى أنك تضع ثلاث نظارات دائمًا في جيبك يا دكتور.

ويقول الآخر:

- نعم لأني استعمل الأولى عند القراءة، والثانية عندما أريد نظر شيء على بعد، والثالثة لأفتش بها على الاثنين.

مثل هذه المادة الفكاهية وغيرها تقلل من تجهم الحياة، وتخفف من القتامة التي تسيطر على المواطنين نتيجة لأعبائها الثقيلة، وتهدئ من مرارة الواقع وصعوبته، فتيسر للقارئ -وقتًا- من الجدية والصرامة، وبمرور الوقت يتعود عليهما في تعاملها مع الحياة ومعطياتها.

ولعلك أدركت أن فن الصور الهزلية والرسوم الكاريكاتورية فن جديد برز منذ أوائل هذا القرن، وتنافست الصحف في التعبير به، وتبارى الرسامون في أبحاثه، حتى يبرزوا تكوين الرأي العام؛ لأن الصورة الواحدة تغني عن عشرة آلاف كلمة، والكاريكاتير الواحد يشيع السخط على شيء، أو السخرية منه والرضا به أو الانحياز إليه، أو نقد شخص أو فكرة أو رأي أو سياسة.

وحين تعمد الصحف إلى رسم الصور الهزلية في أشكال كاريكاتورية، تستهدف إبراز الحقيقة، ومساندة الضعفاء، ومعاونة المظلومين، ورد الحقوق للطبقات العاجزة، عن طريق النكات أو الفكاهات، فيطمئن الناس على حياتهم، ويشيع الشعور بالعدل في شتى طبقات المجتمع لإحساسهم بمشاركة غيرهم معهم.

<<  <   >  >>