للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمقال -اليوم- يتناول موضوعات مختلفة، ومشاكل عديدة، ويعالج مفاسد اجتماعية وأمراضًا خلقية، ويحارب سياسة جائرة، وحاكما ظالما، ويؤيد زعيما صالحا ونظاما عادلا، ويكشف عن جوانب الجمال، ومواطن الحسن في كتاب من الكتب، أو أسلوب من الأساليب، ويدعو إلى الأخذ بأسباب التقدم، ونبذ التواكل والتهاون والتخلف، كل ذلك بأسلوب رائق، وفكر واضح، ومعانٍ وافية.

وليس للمقال مجال محدد، وإنما يتسع موضوعه لكل ما في الوجود من حقائق وأفكار وآراء، وآمال وآلام، وخير وشر، وحلو ومر، ومعروف ومنكر. ومن ثم تنوع المقال إلى: أدبي وعلمي وسياسي واجتماعي ونقدي، وغير ذلك من الأنواع التي سنقف عليها بعد.

ولقد اعتمدت الصحافة -منذ الأربعينات- في تحريرها على المقالات المختلفة، ثم تحولت إلى صحافة خبر، وأصبح دور المقال ثانويا. وفي الوقت الحاضر احتل المقال مكانته في الصحف والمجلات، واهتمت مجلاتنا الأدبية به اهتماما خاصا.

ويهدف المقال أول ما يهدف إلى معالجة المشاكل ووضع الحلول لها حتى يرتقي المجتمع دون انحراف أو التواء، ويحرص كاتبه على بث الفضائل، والتنفير من الرذائل، ونشر المثل العليا التي هي: الخير والحق والجمال.

وسوف نتعرف في الفصول القادمة على ملامح المقال في النثر العربي منذ القرن الثاني الهجري، ونتتبع مولده ونشأته، ومراحل نموه في ظل الصحافة، ونقف على شتى أنواعه، ودوره في معالجة قضايا المجتمع، ونتعرف على أشهر رجاله الذين أثروا الفكر، بما قدموا من خواطر، وسجلوا من أفكار، ودبجوا من مقالات، فأنعشوا الأدب، حتى أصبح المقال -على أيديهم- فنا أدبيا له قواعده الثابتة، وقسماته الفارقة، وسماته الواضحة، وألوانه المختلفة، وأساليبه المتباينة، فإلى صفحات تلك الفصول.

<<  <   >  >>