ولم أر مثلي اليوم طلق مثلها ... ولا مثلها من غير جرم نطلق
لها خلق جزل ورأي ومنصب ... وخلق سوي في حياء ومصدق
فأمره أبو بكر بمراجعتها. ثم أصابه حجر في حصار الطائف، فمات شهيدا. فرثته بقولها:
أقسمت لا تنفك عيني سخينة ... عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
ثم خطبها عمر رضي الله عنه، فلما أو لم بها قال عبد الرحمن بن أبي بكر: يا أمير المؤمنين أتأذن أن أدخل رأسي على عاتكة؟ فأدخل رأسه فقال:
آليت لا تنفك عيني قريرة ... عليك ولا ينفك جلدي أصفرا
فنشجت نشيجا عاليا. فقال عمر: ما أردت إلى هذا غفر الله لك!.
ثم خطبها الزبير بعد عمر، فكانت تخرج إلى المسجد بالليل، فقال لها: لا تخرجي، فقالت: لا أزال أخرج أو تمنعني. وكان يكره أن يمنعها، لقوله عليه السلام: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. فقعد لها متنكرا في جوف الليل فقرصها، فتركت الخروج. فقال لها: ما بالك لا تخرجين؟ فقالت: كنت أخرج والناس ناس، ففسد الناس، فبيتي أوسع لي.
١٢١- خرج صخر بن عمرو بن الشريد أخو الخنساء في غزاة، فجرح فمرض، فقال بعض عواده لامرأته: كيف أصبح صخر؟ فقالت: لا حي فيرجى ولا ميت فينسى، لقينا منه الأمرين. وسأل أمه فقالت: أصبح بنعمة الله صالحا، ولا يزال بخير ما رأينا سواده بين أيدينا كأصلح ما يكون عليل. فقال صخر:
أرى أم صخر لا تمل عيادتي ... وملت سليمى مضجعي ومكاني «١»