الحمد لله الذي فضَّل هذه الأمةَ على سائر الأمم، وأنزل إليها خير الكتب، وأرسل إليها خير الرسل، والصلاة والسلام على النبي الأمين، الذي ما ترك خيرة إلا ودل أمته عليه، وما ترك شرا إلا وحذر أمته منه؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإن المتأمل الأحوال الزمان يقف عيانا على خبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما يحدث وما سيحدث من تغيرات على كافة الأصعدة والمجالات الشرعية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والكونية وغيرها، ولأن أجل ما يحفظ وأثمن ما يعتني به دين العبد الذي به نجاته وفلاحه في الدنيا والآخرة، جاءت النصوص الشرعية لتبين خطر الفتن وموقف المسلم منها، لأنه إذا لم يرع حالها، ولم ينظر إلى نتائجها، ويبين له الموقف الشرعي في التعامل معها، أضحى دينه عرضة للأخطار، وصار ضحية للشبهات والشهوات، وتحولت الفتن من فتن خاصة صغيرة تستهدف الأفراد إلى عامة كبيرة تستهدف المجتمعات، وما كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحال كذلك أن يترك أتباعه دون