للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأول: هو البدع وما والاها وهو فساد من جهة الشبهات، والثاني: فسق الأعمال وهو فساد من جهة الشهوات.

ولهذا كان السلف يقولون: احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه. وكانوا يقولون: احذروا فتنة العالم الفاجر، والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.

وأصل كل فتنة إنما هو من تقديم الرأي على الشرع والهوى على العقل (١).

ففتنة الشبهات تدفع بالعلم واليقين، وفتنة الشهوات تدفع بالصبر واليقين بوعد الله ووعيده، واستشعار عظمته سبحانه، ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين فقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (٢). فدل على أنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.

وجمع بينهما أيضا في قوله: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (٣)


(١) ينظر كل ما تقدم في: إغاثة اللهفان لابن القيم (٢/ ١٦٧).
(٢) سورة السجدة: ٢٤.
(٣) سورة العصر: ٣.

<<  <   >  >>