وجل علىّ بالعافية، وأحسن هذا القائد إلى وكتب معى كتبا إلى السلطان تحثه على أخذ هذه الجزيرة، وغرق المركب عند خروجى من هذه الجزيرة وركبت مع قوم من الروم إلى جزيرة قبرس.
[جزيرة قبرس]
ورأيت بجزيرة قبرس مكتوبا على حجر ما هذه صورته: بعد البسملة وسورة الإخلاص: «هذا قبر عروة بن ثابت، توفى فى شهر رمضان سنة تسع وعشرين للهجرة» وهذا الحجر مبنى فى حائط الكنيسة الشرقية، وبها قبر أم حرام ابنة ملحان، أخت أم سليم رضى الله عنهما، والله أعلم.
[مدينة القسطنطانية]
فى جانب سورها قبر أبى أيوب الأنصارى رضى الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه خالد ابن زيد، ولما قتل دفنه المسلمون وقالوا للروم:«هذا من كبار أصحاب نبينا، فو الله إن نبش لا دق بناقوس فى أرض العرب أبدا» .
وبها الجامع الذي بناه مسلمة بن عبد الملك والتابعون رضى الله عنهم، وبه قبر رجل من ولد الحسين رضى الله عنه، وبها الأصنام النحاس والرخام والعمد والطلسمات العجيبة والمنائر التى تقدم ذكرها والآثار التى ليس فى ربع المسلمين مثلها.
وبها أيا صوفيا وهى الكنيسة العظمى عندهم، ويقولون: بها ملك من الملائكة مقيم بها، وقد عملوا دائر مكانه دارابزين من الذهب، وله حكاية عجيبة نذكرها فى موضعها، وسأذكر ترتيب هذه الكنيسة وهيكلها وارتفاعها وأبوابها وعلوها وطولها وعرضها والعمد التى بها وعجائب هذه المدينة وأوضاعها وصفة السمك الذي بها وباب الذهب والأبرجة والرخام والأفيلة النحاس وجميع ما بها من العجائب والآثار والأصنام التى فى البضرم وما فعل الملك مانويل معى من الخير والإحسان فى كتاب العجائب إن شاء الله تعالى، وهذه المدينة هى أكبر من اسمها، فالله تعالى يجعلها دار الإسلام بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى.