عمر بن الخطاب رضى الله عنهم وأنهم لا يبلون ولا يحلقون رءوسهم ويقلمون أظفارهم فقصدته لأنظر حقيقة ذلك، وهو فى لحف جبل يدخل إليه من باب برج، ويمشى الداخل تحت الأرض إلى أن ينتهى إلى موضع واسع، وهو جبل مخسوف تبين السماء من فوقه، وفى وسطه بحيرة ودائرها بيوت الفلاحين وهم قوم من الروم مزدرعهم ظاهر الموضع وبيوتهم داخله، وهناك كنيسة لطيفة ومسجد، فإن كان الزائر مسلما أتوا به إلى المسجد، وإن كان نصرانيا أتوا به إلى الكنيسة، ثم يدخل إلى بهو فيه جماعة قد قتلوا وآثار طعنات الأسنة وضربات السيوف فيهم، ومنهم من قد راح بعض أعضائه، وعليهم ثياب من القطن لم يتغيروا، وهناك أيضا فى موضع آخر أربعة قيام قد أسندوا ظهورهم إلى حائط المغارة ومعهم صبى قد وضع رأسه على يد واحد منهم طوال من الرجال أسمر اللون وعليه قباء من القطن وكفه مفتوح كأنه يصافح ورأس الصبى على زنده، وإلى جانبه رجل على وجهه ضربة وقد قطعت شفته العليا وظهرت أسنانه وهم بعمائم، وهناك أيضا تابوت فيه امرأة وعلى صدرها صغير وحملة ثديها فى فيه، وهناك أيضا خمس أنفس قيام ظهورهم إلى حائط الموضع، وهناك أيضا فى موضع عال سرير عليه اثنا عشر رجلا فيهم صبى مخضوب بالحنا يداه ورجلاه، والروم يزعمون أنهم منهم، والمسلمون يقولون: إنهم من أصحاب عمر بن الخطاب رضى الله عنه ماتوا هناك صبرا، وأمّا حلق رءوسهم وتقليم أظفارهم فليس لذلك صحة إلا أنهم قوم قد يبست جلودهم على العظام ولم يتغيروا «١» ، والله أعلم بذلك.
[مدينة أبلستين:]
قريب منها بلد خراب يقال له: أبسس يقال: إنه بلد دقيانوس، وبه آثار عجيبة وعمارة قديمة، وغربى هذه البلدة الكهف، وهو كما قال الله عز وجل فى كتابه العزيز ووصفه بقوله: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ...
الآية (سورة الكهف: ١٧) وقد تقدم ذكر الكهف والرقيم، وهذا أصح ما روى، والله أعلم بالصحيح.
[مدينة ملطية:]
قيل بناها الإسكندر، ويقال: إن جامعها بنته الصحابة والتابعون رضى الله عنهم «٢» والله أعلم بصحة ذلك.