وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الِاحْتِرَازِ مِنَ الْخِلَافِ فَإِنَّمَا يُشْرَعُ إِذَا أَوْرَثَ شُبْهَةً، فَإِنَّ الِاحْتِرَازَ مِنَ الشُّبْهَةِ مَشْرُوعٌ.
فَإِذَا وَضَحَ الْحَقُّ وَعُرِفَتِ السُّنَّةُ، وَكَانَ فِي الِاحْتِرَازِ عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُتَمَتِّعَ إِذَا أُمِرَ بِتَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ قَلَّ تَرَفُّهُهُ وَرُبَّمَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّمَتُّعُ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ يَوْمَ السَّادِسِ، أَوِ السَّابِعِ، وَفِي ذَلِكَ إِخْرَاجٌ لِلْمُتَمَتِّعِ عَنْ وَجْهِهِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْإِحْرَامَ إِنَّمَا يُشْرَعُ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ، وَلِهَذَا لَمْ يُحْرِمِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْمِيقَاتِ إِلَّا عِنْدَ إِرَادَةِ الْمَسِيرِ، وَقَدْ بَاتَ فِيهِ لَيْلَةً، وَالْحَاجُّ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُونَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَفِي الْأَمْرِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَهَا أَمْرٌ بِالْإِحْرَامِ وَهُوَ مُقِيمٌ، أَوْ أَمْرٌ بِالتَّقَدُّمِ إِلَى مِنًى، وَكِلَاهُمَا أَمْرٌ بِخِلَافِ الْأَفْضَلِ الْمَسْنُونِ، فَلَا يَجُوزُ الْأَمْرُ بِذَلِكَ.
وَأَمَّا وَقْتُ الِاسْتِحْبَابِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَافِيَ مِنًى بَعْدَ الزَّوَالِ مُحْرِمًا.
وَقَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ أَجْوَدُ ; لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ: " «أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُحْرِمَ بِالْحَجِّ» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute