فَأَمَّا إِنْ قَصَدَهَا مِنْ نَفْسِ الْحَرَمِ: فَلَا إِحْرَامَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَجِيجَ يَدْخُلُونَهَا مِنْ مِنًى بَعْدَ أَنْ حَلُّوا الْحِلَّ كُلَّهُ، وَلَا إِحْرَامَ عَلَيْهِمْ وَاجِبٌ وَلَا مُسْتَحَبٌّ، وَلِأَنَّ الْحَرَمَ كُلَّهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَأَشْبَهَ الِانْتِقَالَ فِي طُرُقَاتِ الْقَرْيَةِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ عَلَى الْقَاطِنِينَ.
فَأَمَّا إِنْ أَرَادَ بَعْضَ مَوَاضِعِ الْحَرَمِ خَارِجَ مَكَّةَ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يَخْتَرِقَ الْحَرَمَ ابْنُ سَبِيلٍ، أَوْ أَرَادَ أَنْ يَخْتَرِقَهَا مِنْ غَيْرِ مُقَامٍ .. .
فَإِنْ دَخَلَ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ لَزِمَهُ قَضَاءُ هَذَا الْإِحْرَامِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: فَإِنْ قَدِمَ مِنْ بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ تَاجِرٌ فَقَدِمَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ قَالَ: يَرْجِعُ إِلَى الْمِيقَاتِ فَيُهِلُّ بِعُمْرَةٍ إِنْ كَانَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ: أَهَلَّ بِحَجَّةٍ.
وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَابْنُهُ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ.
وَذَكَرَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ الدَّمُ، وَهُوَ إِنْ لَمْ يَكُنْ غَلَطًا فِي النُّسْخَةِ فَإِنَّهُ وَهْمٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ تَرَكَ إِحْرَامًا وَاجِبًا.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ - فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ - وَغَيْرُهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute