للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَصْحَابِنَا لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا دَمٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَفْعُولَةٌ لِحُرْمَةِ الْمَكَانِ، فَوَجَبَ أَلَّا تُقْضَى كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ يُرَادُ لِلدُّخُولِ فَإِذَا حَصَلَ الدُّخُولُ بِدُونِهِ لَمْ تُشْرَعْ إِعَادَتُهُ كَالْوُضُوءِ لِصَلَاةِ النَّافِلَةِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَشْرُوعَةٌ بِسَبَبٍ فَتَسْقُطُ عِنْدَ فَوَاتِ السَّبَبِ كَصَلَاةِ الْكُسُوفِ.

فَعَلَى هَذَا بِأَيِّ شَيْءٍ يَسْقُطُ؟ هَلْ يَسْقُطُ بِدُخُولِ الْحَرَمِ؟ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْمِيقَاتِ؟ فَإِنْ أَحْرَمَ دُونَهُ ... .

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ إِحْرَامٌ لَزِمَهُ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ كَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَلِأَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِبَادَةٌ، فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِفَوَاتِ وَقْتِهَا، بَلْ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ خُصُوصًا الْحَجَّ، وَهَذَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ؛ إِمَّا فِي وَقْتِهِ، وَإِمَّا بَعْدَ وَقْتِهِ، وَعَكْسُهُ مَا لَا يَجِبُ مِنَ النَّوَافِلِ، عَلَى أَنَّا نَقُولُ: النَّوَافِلُ الْمُؤَقَّتَةُ تُقْضَى، وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ يَسْتَدِيمُ الْمُكْثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>