أَحَدُهُمَا: لَا يَنْعَقِدُ بِعُمْرَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ، وَلَا بِحَجٍّ لِأَنَّ وَقْتَهُ لَمْ يَدْخُلْ، كَمَا قُلْنَا فِيمَنْ أَحْرَمَ بِالنَّفْلِ قَبْلَ الْفَرْضِ، أَوْ عَنْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ.
وَالثَّانِي - وَهُوَ الْمَشْهُورُ - أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِعُمْرَةٍ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ يَجْعَلُهَا عُمْرَةً، وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يَفْسَخُ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً وَيَفْرَغَ مِنْهَا، وَيُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ.
وَالْأَشْبَهُ أَنَّ أَحْمَدَ إِنَّمَا قَصَدَ بِهَذَا أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهَا عُمْرَةٌ وَيُتِمَّهَا بِعَمَلِ عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ - فِيمَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ - قَالَ: " يَجْعَلُهَا عُمْرَةً " وَفِي رِوَايَةٍ: " اجْعَلْهَا عُمْرَةً " فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: ١٩٧] وَمَذْهَبُهُ: أَنَّ نَفْسَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ يَنْعَقِدُ عُمْرَةً، فَالْأَظْهَرُ أَنَّ أَحْمَدَ إِنَّمَا قَصَدَ الْأَخْذَ بِقَوْلِ عَطَاءٍ فَتَكُونُ هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute