الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بَعْضُ الْحَجِّ وَجُزْءٌ مِنْهُ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِدُخُولِهِ فِيهِ يُسَمَّى حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، وَأَنَّهُ يُلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَأَنَّ الْعُمْرَةَ لِلشَّهْرِ الَّذِي يُهِلُّ فِيهِ لَا الشَّهْرِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بِهِ السَّعْيُ إِلَى الْحَجِّ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُدْرِكُ الْوُقُوفَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَفْوِيتُ الْحَجِّ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فِعْلُهُ قَبْلَ وَقْتِ الْعِبَادَةِ كَسَائِرِ الْأَبْعَاضِ وَكُنْيَةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: ١٩٧] فَخَصَّ الْفَرْضَ فِيهِنَّ بِالذِّكْرِ فَعُلِمَ أَنَّ حُكْمَ مَا عَدَاهُ بِخِلَافِهِ، وَلِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: («مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»).
وَإِذَا لَمْ يَنْعَقِدِ الْحَجُّ وَلَمْ يَكُنْ سَبِيلٌ إِلَى بُطْلَانِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا لَازِمًا مُوجِبًا، انْعَقَدَ مُوجِبًا لِعُمْرَةٍ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْفَرْضِ قَبْلَ وَقْتِهِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ نَفْلًا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ لَوْ جَازَ الْإِحْرَامُ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَوَجَبَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي هَذَا الْعَامِ وَيَقِفَ بِعَرَفَةَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْإِحْرَامِ يُوجِبُ إِتْمَامَهُ كَمَا أَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ فِعْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute