للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَتَّسِعُ الْوَقْتُ لِلْمُتَمَتِّعِ بَعْدَ الصَّدَرِ مِنْ مِنًى إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ زِيَادَةً، لَا سِيَّمَا إِنْ خِيفَ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ الِاعْتِمَارِ بَعْدَ الْحَجِّ لِخَوْفٍ، أَوْ غَلَاءٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

فَتَحْصِيلُ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ أَوْثَقُ. وَإِنْ كَانَ الْحَاجُّ امْرَأَةً خِيفَ عَلَيْهَا أَنْ تَحِيضَ بَعْدَ الصَّدَرِ، وَيَسْتَمِرُّ بِهَا الْحَيْضُ حَتَّى لَا تَتَمَكَّنَ مِنْ الِاعْتِمَارِ، فَإِذَا دَخَلَتْ مُتَمَتِّعَةً وَحَاضَتْ صَنَعَتْ كَمَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.

فَأَمَّا إِنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنَ الْإِفْرَادِ بِلَا تَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا شَكَّ أَنَّهُ سَاقَ الْهَدْيَ، وَكَانَ قَارِنًا، أَوْ مُتَمَتِّعًا. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا، فَكَيْفَ يُفَضَّلُ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فِعْلِهِ؟ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ جَمِيعًا كَمَا تَقَدَّمَ.

وَأَمَّا كَوْنُ الْإِفْرَادِ أَفْضَلَ مِنَ الْقِرَانِ، فَهَكَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ نَصًّا بِذَلِكَ، قَالُوا: لِأَنَّ فِي عَمَلِ الْمُفْرِدِ زِيَارَةً عَلَى الْقَارِنِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَأْتِي بِإِحْرَامَيْنِ، وَإِحْلَالَيْنِ، وَتَلْبِيَتَيْنِ، وَطَوَافَيْنِ، وَسَعْيَيْنِ، وَيَتَوَجَّهُ. . .

وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْمُتْعَةَ قَدِ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهَا، سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا، أَوْ بِالْحَجِّ، أَوْ بِهِمَا، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى وُجُوبَهَا؛ فَعَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ: " أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَأْمُرُ الْقَارِنَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>