للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ كَرِهَ الْقَطْعَ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ، فَقَالُوا: الْقَطْعُ فَسَادٌ.

وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: وَيُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: "قَطْعُ الْخُفَّيْنِ فَسَادٌ يَلْبَسُهُمَا كَمَا هُمَا ".

وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فِي لُبْسِهِمَا مَا كَانَ رُخْصَةً. وَهَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي كَرَاهَةَ قَطْعِ الْخُفِّ. وَهَذَا أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَطْعِهِمَا مَنْسُوخٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدِ اطَّلَعُوا عَلَى مَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِمْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا أَوْجَبْتُمُ الْفِدْيَةَ مَعَ اللُّبْسِ، لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّهُ قَدْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ وَالْخُفَّ لِحَاجَةٍ. وَالْمُحْرِمُ إِذَا اسْتَبَاحَ شَيْئًا مِنَ الْمَحْظُورَاتِ لِحَاجَةٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْفِدْيَةِ، كَمَا لَوْ لَبِسَ الْقَمِيصَ، أَوِ الْعِمَامَةَ، لِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ مَرَضٍ؟.

قُلْنَا: لَوْ خُيِّلَ إِلَيْنَا أَنَّ هَذَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ لَوَجَبَ تَرْكُهُ لِأَنَّ الَّذِي أَوْجَبَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ لِلْحَاجَةِ الْفِدْيَةَ هُوَ الَّذِي أَبَاحَ لُبْسَ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ بِغَيْرِ فِدْيَةٍ، حَيْثُ أَبَاحَ ذَلِكَ. وَلَوْ أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ لَمَا أَمَرَ بِقَطْعِهِ أَوَّلًا وَسْمًا مِنْ غَيْرِ فِدْيَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ. فَإِذَا قِسْنَا أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ قِيَاسِ الْبَيْعِ عَلَى الرِّبَا، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ فَكَيْفَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَنَا أَنَّهُ قِيَاسٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>