للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَى هَذَا: يُجَوِّزُ السَّاعَةَ وَنَحْوَهَا كَمَا ذَكَرَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ أَنَّهُ ظُلِّلَ عَلَيْهِ فِي حَالِ مَسِيرِهِ وَرَمْيِهِ وَخُطْبَتِهِ. وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا اسْتَبَاحَ يَسِيرَ التَّظْلِيلِ، أَنَّهُ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ كَانَ يَسِيرُ وَلَمْ يَنْصِبْ لَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ شَيْئًا يَسْتَظِلُّ بِهِ، وَلَوْ كَانَ جَائِزًا لَفَعَلَهُ لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنِ اسْتَظَلَّ بِثَوْبٍ يُمْسِكُهُ بِيَدِهِ، أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ، أَوْ وَضَعَ الثَّوْبَ عَلَى عُودٍ يُمْسِكُ الْعُودَ بِيَدِهِ، أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ جَازَ.

وَإِنِ اسْتَظَلَّ يَسِيرًا فِي مَحْمِلٍ، أَوْ بِثَوْبٍ مَوْضُوعٍ عَلَى عَمُودٍ عَلَى الْمَحْمِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا مُؤْنَةَ فِيهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ قَالَ: إِذَا كَانَ يَسِيرًا بِعُودٍ يَرْفَعُهُ بِيَدِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ كَانَ جَائِزًا، وَابْنُ عُمَرَ إِنَّمَا كَرِهَهُ عَلَى الرَّحْلِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا عَلَى الرَّحْلِ رَفَاهَةٌ مَحْضَةٌ، وَهُوَ مَظَنَّةُ الطُّولِ، فَلَوْ شُرِعَ ذَلِكَ لَشُرِعَ اتِّخَاذُ الظِّلِّ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا بِالْيَدِ، أَوْ ثَوْبًا يُلْقِيهِ عَلَى عُودٍ. فَأَمَّا أَنْ يُظَلِّلَ بِالْمَحْمِلِ وَنَحْوِهِ حَالَ نُزُولِهِ، فَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّاكِبِ وَالنَّازِلِ، وَإِنَّهُ إِنْ طَالَ ذَلِكَ وَكَثُرَ افْتَدَا رَاكِبًا كَانَ أَوْ نَازِلًا.

وَإِنْ قَلَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَكْثُرْ: فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَمْ نَازِلًا.

وَفَرَّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْخَيْمَةِ وَالسَّقْفِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّرَفُّهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>