للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ عَلَى أَنَّ بَذْلَ الِابْنِ مُوجِبٌ، وَإِنَّمَا أَقَرَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْإِخْبَارِ بِفَرْضِ الْحَجِّ عَلَى الْمَعْضُوبِ لَمَّا رَأَى الْوَلَدَ قَدْ بَذَلَ الْحَجَّ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تَحْصُلُ بِالْمُبَاحِ كَمَا تَحْصُلُ بِالْمَمْلُوكِ، وَيَحْصُلُ بِهِ الْوُجُوبُ، كَمَا يَحْصُلُ بِالْمَمْلُوكِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْوُضُوءَ يَجِبُ بِالْمَاءِ الْمَبْذُولِ وَالْمُبَاحِ، وَالصَّلَاةَ تَجِبُ فِي السُّتْرَةِ الْمُعَارَةِ، فَيَجِبُ أَنْ يَحْصُلَ الْحَجُّ أَيْضًا - بِالِاسْتِطَاعَةِ الْمَبْذُولَةِ مِنْ مَالٍ أَوْ عَمَلٍ. نَعَمْ مَا عَلَيْهِ فِيهِ مِنَّةٌ لَا يَبْذُلُ بَذْلًا مُطْلَقًا، لَكِنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ بَاذِلُهُ نَوْعَ عِوَضٍ، وَلَوْ بِالثَّنَاءِ أَوِ الدُّعَاءِ، وَيَحْصُلُ عَلَيْهِ بِهِ مِنَّةٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، كَمَا لَوْ بُذِلَتِ السُّتْرَةُ مِلْكًا، أَوْ بَذَلَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ مَالًا يَحُجُّ بِهِ، أَوْ يُكَفِّرُ بِهِ.

وَبَذْلُ الِابْنِ لَيْسَ فِيهِ مِنَّةٌ، وَلَا عِوَضٌ بَلْ هُوَ مِنْ كَسْبِهِ وَعَمَلِهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: («إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ»).

<<  <  ج: ص:  >  >>