للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: («أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ»)، وَكَذَلِكَ دُعَاءُ الِابْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: («إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ»). فَكَيْفَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ مَعَ بَذْلِ الِابْنِ لَهُ ذَلِكَ؟ وَلَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ فِيهِ أَصْلًا. وَطَرْدُ هَذَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ مَا يُؤَدِّي بِهِ دَيْنَهُ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُسَلَّمًا بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ، فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَاذِلِ ... .

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - قَالَ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: ٩٧]، وَقَدْ فَسَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السَّبِيلَ: بِأَنَّهُ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ، وَفِي لَفْظٍ: «سُئِلَ: مَا يُوجِبُ الْحَجَّ؟ قَالَ: (الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ»)، وَفِي لَفْظٍ: («مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا، وَإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيًّا)». فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ لَا يُوجِبُهُ إِلَّا مِلْكُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>