للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ «قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ: " اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» مَعَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، وَأَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» فَعُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الطِّيبِ وَالسِّدْرِ.

وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَاغْتِسَالُهُ بِالسِّدْرِ وَالْخِطْمِيِّ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الشَّعْرِ وَإِزَالَةِ الشَّعَثِ. وَنَصَّ - أَيْضًا - عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يُغَسَّلُ كَمَا يُغَسَّلُ الْحَلَالُ، بَلْ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا، فَعُلِمَ أَنَّ الدَّعْكَ وَالْمَعْكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ غَسْلِ الْمُحْرِمِ وَغَسْلِ الْحَلَالِ.

وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَصْرَحُ عَنْهُ ; لِأَنَّ الْمُحْرِمَ هُوَ الْأَشْعَثُ الْأَغْبَرُ، وَالسِّدْرُ وَالْخِطْمِيُّ يُزِيلُ الشَّعَثَ وَالْغُبَارَ ; وَلِأَنَّهُ غَالِبًا يَقْطَعُ الشَّعْرَ، وَيَقْتُلُ الدُّودَ.

وَأَمَّا الْمُحْرِمُ الْمَيِّتُ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَيِّ، فَقَالَ - فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ - وَقِيلَ لَهُ يُغَسَّلُ؟ قَالَ: " يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ، قَالَ: لَا يُغَسَّلُ كَمَا يُغَسَّلُ الْحَلَالُ ".

وَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ: " سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ يُغَسَّلُ كَمَا يُغَسَّلُ الْحَلَالُ أَوْ يُغَسَّلُ بِالسِّدْرِ وَالْمَاءِ؟ قَالَ: يُغَسَّلُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ ". حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا». قُلْتُ: " فَإِذَا غُسِّلَ يُدْلَكُ رَأْسُهُ بِالسِّدْرِ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي كَذَا جَاءَ الْخَبَرُ يُغَسَّلُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، قِيلَ لَهُ: فَتَذْهَبُ إِلَى أَنْ يُخَمَّرَ وَجْهُهُ وَيُكْشَفَ رَأْسُهُ؟ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>