نَعَمْ عَلَى مَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ غَيْرِهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: يُخَمَّرُ رَأْسُهُ يُغَسَّلُ رَأْسُهُ بِالسِّدْرِ، وَقَدْ رَوَى عَطَاءٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَنَّهُ يُخَمَّرُ رَأْسُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ» ". مُرْسَلٌ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: " أَنَا أَقُولُ يُغَسَّلُ بِالسِّدْرِ وَلَا يُخَمَّرُ رَأْسُهُ، قُلْتُ: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: أَهَابُ أَنْ أَقُولَ يُغَسَّلُ بِالسِّدْرِ وَأُحِبُّ الْعَافِيَةِ مِنْهَا، قُلْتُ: فَيُجْزِئُهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ فَقَطْ؟ قَالَ: يُجْزِئُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ".
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " الَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «يُغَسَّلُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَلَا يُخَمَّرُ رَأْسُهُ وَلَا يُمَسُّ طِيبًا» ".
فَقَدْ تَوَقَّفَ فِي دَلْكِ رَأْسِهِ بِالسِّدْرِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ رَأْسُهُ بِالسِّدْرِ كَالْحَيِّ، وَحَمَلُوا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ غَسْلُ بَدَنِهِ بِالسِّدْرِ وَأَنَّ السِّدْرَ يُذَرُّ فِي الْمَاءِ.
وَالصَّوَابُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.
قَالَ الْخَلَّالُ: " مَا رَوَاهُ أَبُو الْحَارِثِ فِي غَسْلِهِ فِيهِ تَوَقُّفٌ وَجُبْنٌ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رَوَى مَا رَوَى حَنْبَلٌ: أَنَّهُ لَا يُدَلَّكُ رَأْسُهُ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا، وَيَكُونُ فِيهِ السِّدْرُ، وَبَيَّنَ عَنْهُ حَنْبَلٌ أَنَّهُ يُصَبُّ الْمَاءُ وَلَا يُغَسَّلُ كَمَا يُغَسَّلُ الْحَلَالُ، وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ قَوْلُهُ.
وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ: أَنَّ الْمَيِّتَ مُحْتَاجٌ إِلَى الطَّهَارَةِ وَالنَّظَافَةِ فَإِنَّ هَذَا آخِرُ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا، وَلَيْسَ حَالٌ يُنْتَظَرُ فِيهَا إِزَالَةُ تَفَثِهِ، فَجَازَ أَنْ يُرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا رُخِّصَ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ وَالنَّعْلَيْنِ فِي لُبْسِ السَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ ; إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ فَكَذَلِكَ مَوْتَى الْمُحْرِمِينَ بِهِمْ حَاجَةٌ عَامَّةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute