للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْسُ الْمَصِيدِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ: {صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: ٩٦] الْمُرَادُ بِهِ مَا يُصَادُ مِنْهُ; لِأَنَّهُ عُطِفَ عَلَيْهِ، وَطَعَامُهُ: مَالِحُهُ وَطَافِيهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَقْرُونُ بِالطَّعَامِ هُوَ النَّوْعَ الْآخَرَ وَهُوَ الرَّطْبُ الصَّيْدُ ; وَلِأَنَّهُ قَالَ: {مَتَاعًا لَكُمْ} [المائدة: ٩٦] وَإِنَّمَا يُسْتَمْتَعُ بِنَفْسِ مَا يُصَادُ لَا بِالْفِعْلِ، فَإِذَا كَانَ صَيْدُ الْبَحْرِ قَدْ عُنِيَ بِهِ الصَّيْدُ، فَكَذَلِكَ صَيْدُ الْبَرِّ; لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي مُقَابَلَتِهِ.

الرَّابِعُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ فَسَّرُوهُ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ مِثْلِهِمْ خِلَافٌ فِي ذَلِكَ.

الْخَامِسُ: أَنَّ الْفِعْلَ لَا يُضَافُ إِلَى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ إِلَّا عَلَى تَكَلُّفٍ بِأَنْ يُقَالَ: الصَّيْدُ فِي الْبَرِّ وَالصَّيْدُ فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ لَيْسَ مُسْتَقِيمًا ; لِأَنَّ الصَّائِدَ لَوْ كَانَ فِي الْبَحْرِ وَصَيْدُهُ فِي الْبِرِّ لَحَرُمَ عَلَيْهِ الصَّيْدُ، وَلَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَحَلَّ لَهُ، فَعُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَكَانِ الصَّيْدِ الَّذِي هُوَ الْحَيَوَانُ لَا بِمَكَانِ الِاصْطِيَادِ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ.

السَّادِسُ: أَنَّهُ إِذَا أُطْلِقَ صَيْدُ الْبَرِّ وَصَيْدُ الْبَحْرِ: فُهِمَ مِنْهُ الصَّيْدُ الْبَرِّيُّ وَالْبَحْرِيُّ فَيَجِبُ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى: حُرِّمَ عَلَيْكُمُ الصَّيْدُ الَّذِي فِي الْبَرِّ، فَالتَّحْرِيمُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الْمُعَيَّنِ كَانَ الْمُرَادُ الْفِعْلَ فِيهَا، وَقَدْ فَسَّرَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ فِعْلٌ يَكُونُ سَبَبًا إِلَى هَلَاكِ الصَّيْدِ، وَأَكْلُ صَيْدٍ يَكُونُ لِلْمُحْرِمِ سَبَبٌ فِي قَتْلِهِ بِمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا فُسِّرَ قَوْلُهُ: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] عَلَى اجْتِنَابِ الْفُرُوجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>