للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَاصَّةً، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَشْيَاءُ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُ الصَّيْدِ ; لِأَنَّ إِبَاحَتَهُ تُفْضِي إِلَى قَتْلِهِ، وَلِهَذَا بَدَأَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ، فَقَالَ: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥] ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِقَوْلِهِ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] فَالْمَقْصُودُ مِنَ التَّحْرِيمِ: اسْتِحْيَاءُ الصَّيْدِ وَاسْتِبْقَاؤُهُ مِنَ الْمُحْرِمِينَ، وَأَنْ لَا يَتَعَرَّضُوا لَهُ بِأَذًى، وَلِهَذَا إِذَا قَتَلُوهُ حَرُمَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ قَطْعًا لِطَمَعِ الِانْتِفَاعِ بِهِ إِذَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَإِذَا كَانَ الْحَلَالُ هُوَ الَّذِي قَدْ صَادَهُ كَمَا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ وَذَكَّاهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنَ الْفِعْلِ الْمَكْرُوهِ، فَلَا وَجْهَ لِلتَّحْرِيمِ عَلَى الْمُحْرِمِ، وَخَرَجَ عَلَى هَذَا مَا إِذَا كَانَ قَصَدَ الْحَلَالُ اصْطِيَادَهُ لِلْحَرَامِ، فَإِنَّ الْمُحْرِمَ صَارَ لَهُ سَبَبٌ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ، فَإِذَا عَلِمَ الْحَلَالُ أَنَّمَا صَادَهُ الْحَلَالُ لَا يَحِلُّ كَفُّ الْحَلَالِ عَنِ الِاصْطِيَادِ لِأَجْلِ الْحَرَامِ، فَلَمْ يَبْقَ لِلْمُحْرِمِ سَبَبٌ فِي قَتْلِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَصَارَ وُجُودُ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ كَعَدَمِهِ.

الثَّانِي: أَنَّ الصَّيْدَ اسْمٌ لِلْحَيَوَانِ الَّذِي يُصَادُ، وَهَذَا إِنَّمَا يَتَنَاوَلُهُ إِذَا كَانَ حَيًّا، فَأَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمْ يَبْقَ يُصَدْ، فَإِذَا صَادَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ وَأَكَلَهُ، فَقَدْ أَكَلَ لَحْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>