وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ - قَالَ: " يَمْضِيَانِ لِوَجْهِهِمَا، ثُمَّ يَحُجَّانِ مِنْ قَابِلٍ، وَيُحْرِمَانِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَا، وَيَتَفَرَّقَانِ وَيَهْدِيَانِ جَزُورًا " رَوَاهُنَّ النَّجَّادُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا.
فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْبَدَنَةَ جَمِيعًا. وَالْهَدْيُ الَّذِي فَسَّرُوهُ هُنَا يُبَيِّنُ الْهَدْيَ الْمُطْلَقَ الَّذِي جَاءَ فِي كَلَامِهِمْ، وَفِي الْمَرْفُوعِ الْمُرْسَلِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْبَدَنَةُ.
وَهَذَا لِأَنَّ الْجِمَاعَ فِيهِ مَعْنَيَانِ أَنَّهُ مَحْظُورٌ فِي الْإِحْرَامِ وَهُوَ أَكْبَرُ الْمَحْظُورَاتِ، وَأَنَّهُ مُفْسِدٌ لِلْإِحْرَامِ. فَمِنْ حَيْثُ هُوَ مَحْظُورٌ: يُوجِبُ الْفِدْيَةَ وَهُوَ أَكْبَرُ مِمَّا يُوجِبُ شَاةً، فَأَوْجَبَ بَدَنَةً وَمِنْ حَيْثُ فَسَدَ الْإِحْرَامُ: وَجَبَ قَضَاؤُهُ، فَحَجَّةُ الْقَضَاءِ هِيَ الْحَجَّةُ الَّتِي الْتَزَمَهَا أَوَّلًا، وَهَذَا كَالْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ: يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ الْعُظْمَى وَيُوجِبُ الْقَضَاءَ.
وَإِنَّمَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْوُقُوفِ وَمَا بَعْدَهُ: لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلُوا عَنِ الْمُحْرِمِ إِذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ: فَأَفْتَوْا بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْصَالٍ وَلَا تَفْصِيلٍ وَذَلِكَ يُوجِبُ عُمُومَ الْحُكْمِ، وَفِي أَكْثَرِ مَسَائِلِهِمْ لَمْ يُبَيِّنِ السَّائِلُ أَنَّ الْجِمَاعَ كَانَ قَبْلَ الْوُقُوفِ. وَلِأَنَّ مَا بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ إِحْرَامٌ تَامٌّ فَفَسَدَ الْحَجُّ بِالْوَطْءِ فِيهِ كَمَا قَبْلَ الْوُقُوفِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْوُقُوفَ يُوجِبُ إِدْرَاكَ الْحَجِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute