وَيُؤْمَنُ مِنْ فَوَاتِهِ، وَإِدْرَاكُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِهَا: لَا يَمْنَعُ وُرُودَ الْفَسَادِ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ: قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، أَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْجُمُعَةِ، أَوِ الْجَمَاعَةَ مَعَ الْإِمَامِ: فَإِنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ، وَمَعَ هَذَا فَلَوْ وَرَدَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ: لَفَسَدَتْ. قَالَ: .... ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَا أَفْسَدَ الْعِبَادَةَ إِذَا وَرَدَ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْهَا: أَفْسَدَهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ مَضَى مُعْظَمُهَا، كَمَا لَوْ أَكَلَ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، أَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ السَّلَامِ، أَوْ قَبْلَ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: بَعْدَ الْوُقُوفِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ رُكْنٌ إِلَّا الطَّوَافُ، وَالْوَطْءُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ وَبَعْدَ التَّحَلُّلِ لَا يُفْسِدُ، فَإِذًا لَا يَبْطُلُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ: لَمْ يَبْقَ إِلَّا وَاجِبَاتٌ مِنَ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيِ الْجَمْرَةِ، وَهَذِهِ لَوْ تَرَكَهَا بِالْكُلِّيَّةِ لَمْ يَبْطُلْ حَجُّهُ، فَأَنْ لَا يَبْطُلَ إِذَا أَفْسَدَهَا: أَوْلَى وَأَحْرَى.
قِيلَ الْعِبَادَةُ بِالْكُلِّيَّةِ أَخَفُّ مِنْ إِبْطَالِهَا، وَلِهَذَا لَوْ تَرَكَ صَوْمَ رَمَضَانَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، وَلَوْ جَامَعَ فِيهِ مَعَ النِّيَّةِ: وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ تَرَكَ حَجَّ النَّافِلَةِ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَوْ أَبْطَلَهُ: لَأَثِمَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَعْمَالِ قَدْ يُكْرَهُ إِبْطَالُهَا، وَإِنْ لَمْ يُكْرَهْ تَرْكُهَا. وَالصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لَهُ تَأْخِيرُهَا، وَلَيْسَ لَهُ إِبْطَالُهَا. فَإِذَا وَطِئَ: فَقَدْ رَاغَمَ الْعِبَادَةَ، وَتَعَدَّى الْحَدَّ، بِخِلَافِ التَّارِكِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَ رَمْيَ الْجَمْرَةِ حَتَّى فَاتَ وَقْتُهَا، أَوْ تَرَكَ الْحَلْقَ فَإِنَّ إِحْرَامَهُ بَاقٍ عَلَيْهِ حَتَّى ..
الْفَصْلُ الرَّابِعُ.
إِذَا وَطِئَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ: لَمْ يَبْطُلْ حَجُّهُ، لِأَنَّهُ قَدْ حَلَّ مِنْ جَمِيعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute