الْمَحْظُورَاتِ إِلَّا النِّسَاءَ، أَوْ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ مِنْهَا، وَقَدْ قَضَى تَفَثَهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَمَا خَرَجَ مِنْهُ وَقَضَاهُ، لَا يُمْكِنُ إِبْطَالُهُ. نَعَمْ يَبْطُلُ مَا بَقِيَ مِنْهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ.
وَلِأَنَّهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ: لَيْسَ بِمُحْرِمٍ، إِذْ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا لَمَا جَازَ لَهُ قَتْلُ الصَّيْدِ، وَلَا لُبْسُ الثِّيَابِ، وَلَا الطِّيبُ، وَلَا حَلْقُ الشَّعْرِ، لَكِنَّ عَلَيْهِ بَقِيَّةً مِنَ الْإِحْرَامِ؛ هُوَ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ وَمُجَرَّدُ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ لَا يُبْطِلُ مَا مَضَى قَبْلَهُ مِنَ الْعِبَادَةِ.
وَمَعْنَى قَوْلِنَا: إِذَا وَطِئَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ: أَيْ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، سَوَاءٌ ذَبَحَ وَحَلَقَ، أَوْ لَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يَذْبَحْ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا: التَّحَلُّلُ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الرَّمْيِ، أَوْ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِهِ وَبِالْحَلْقِ. هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ قُدَمَاءُ الْأَصْحَابِ، وَمَنْ حَقَّقَ هَذَا مِنْهُمْ، مِثْلُ: الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَابْنِ أَبِي مُوسَى، وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ جَعَلُوا الْفَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ إِلَى الْحَلْقِ.
قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ - فِي الَّذِي يَطَأُ وَلَمْ يَرْمِ الْجَمْرَةَ: أَفْسَدَ حَجَّهُ، وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَ عَائِشَةَ فَيُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ، فَيَكُونُ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ مَكَانَ أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ، وَعَلَيْهِ دَمٌ.
وَهَذَا لِأَنَّنَا إِنْ قُلْنَا: التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ يَحْصُلُ بِالرَّمْيِ وَحْدَهُ فَلَا كَلَامَ، سَوَاءٌ قُلْنَا: الرَّمْيُ وَاجِبٌ، أَوْ مُسْتَحَبٌّ.
وَإِنْ قُلْنَا: يَحْصُلُ بِالرَّمْيِ وَالْحَلْقِ. وَالْوَطْءُ قَبْلَ الْحَلْقِ كَالرَّمْيِ قَبْلَ الْحَلْقِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute