للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَجِّ لِأَنَّ الْقَضَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ تَمَامَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ نَصَّ - فِيمَنْ نَسِيَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ حَتَّى رَجَعَ بَلَدَهُ - يَدْخُلُ مُتَعَمِّرًا، فَيَطُوفُ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ يَطُوفُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ.

وَوَجْهُ هَذَا: أَنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ، وَالْإِفْسَادُ يُوجِبُ الْمُضِيَّ فِيمَا بَقِيَ مِنَ النُّسُكِ وَقَضَاءَهُ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ فِيهِ، وَوَجَبَ الْقَضَاءُ. لَكِنَّ الْإِحْرَامَ الْمُبْتَدَأَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَكُونُ قَضَاءً لِمَا أَفْسَدَهُ مِنْ بَقِيَّةِ النُّسُكِ، وَعَلَى هَذَا فَيُلَبِّي فِي إِحْرَامِهِ، وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ إِذَا قَضَاهُ لِأَنَّهَا عُمْرَةٌ تَامَّةٌ.

وَقَالَ الْقَاضِي - فِي الْمُجَرَّدِ - وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ: إِنَّمَا عَلَيْهِ عُمْرَةٌ فَقَطْ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَحْمَدَ وَهُوَ الصَّوَابُ.

ثُمَّ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُهُمْ: فَقَالَ الْقَاضِي - فِي مَوْضِعٍ - وَالشَّرِيفُ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُحْرِمُ لِلطَّوَافِ وَالسَّعْيِ؛ وَهُوَ أَفْعَالُ الْعُمْرَةِ فَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَأْتِي فِي إِحْرَامِهِ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: كَلَامُ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُحْرِمُ بِنَفْسِ الْعُمْرَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ إِحْرَامُهُ لِمُجَرَّدِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ، بَلْ يُحْرِمُ بِنُسُكٍ كَامِلٍ، وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ مِنَ الْحَجِّ دَاخِلًا فِي أَثْنَائِهِ، وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا بَقِيَ مِنْ غَيْرِ إِحْرَامٍ. وَهَذَا أَجْوَدُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ تَامَّةٍ يَتَجَرَّدُ لَهَا، وَيُهِلُّ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>