وَقَدْ دَلَّتِ السُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ: عَلَى أَنَّ الْجِمَاعَ مُحَرَّمٌ، وَأَنَّهُ يُفْسِدُ الْإِحْرَامَ، وَيُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْهَدْيَ. فَإِذَا فَعَلَهُ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا؛ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي الذَّمِّ وَالْعِقَابِ اللَّذَيْنِ هُمَا مِنْ تَوَابِعِ الْمَعْصِيَةِ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. أَمَّا جَعْلُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ إِفْسَادِ الْحَجِّ وَإِيجَابِ الْقَضَاءِ وَالْهَدْيِ: فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ، فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ تَرْتِيبِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْأَسْبَابِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ هَذَا إِلَّا بِدَلِيلٍ. وَأَكْثَرُ الْأُصُولِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا الْفَسَادُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ إِذَا وُجِدَ الْمُفْسِدُ مَعَ الْعُذْرِ فَمِنْ ذَلِكَ الطَّهَارَةُ فَإِنَّهَا تَفْسَدُ بِوُجُودِ مُفْسِدَاتِهَا عَمْدًا وَسَهْوًا، وَالصَّلَاةُ تَبْطُلُ بِوُجُودِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ عَمْدًا وَسَهْوًا، أَوْ بِمُرُورِ الْقَاطِعِ بَيْنَ يَدَيْهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَفِي الْكَلَامِ وَالْأَكْلِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ، وَكَذَلِكَ مِلْكُ النِّكَاحِ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ فَيُفْسِدُهُ مِنْ صِهْرٍ وَرَضَاعٍ وَغَيْرِهِمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ .... وَمِلْكِ الْأَمْوَالِ.
وَمُوجِبَاتُ الْكَفَّارَاتِ - فِي غَالِبِ الْأَمْرِ -: يُوجِبُهَا مَعَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَالظِّهَارِ، وَتَرْكِ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ، وَالْحَجُّ قَدْ يَغْلُظُ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِلْحَاقُهُ بِأَكْثَرِ الْأُصُولِ أَوْلَى مِنْ إِلْحَاقِهِ بِأَقَلِّهَا، ثُمَّ لَمْ يَجِئْ أَصْلٌ فِي ذَلِكَ إِلَّا فِي الْأَكْلِ فِي الصِّيَامِ.
فَأَمَّا مَا دُونَ الْجِمَاعِ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ: فَمَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ يُفْسِدُ الْإِحْرَامَ فَهُوَ كَالْجِمَاعِ، وَأَمَّا مَا لَا يُفْسِدُهُ ... .
(فَصْلٌ)
وَيَجِبُ أَنْ يَقْضِيَ مِثْلَ الَّذِي أَفْسَدَهُ إِنْ كَانَ حَجًّا قَضَى حَجًّا، وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute