عُمْرَةً قَضَى عُمْرَةً، وَإِنْ كَانَ عُمْرَةً وَحَجَّةً قَضَاهُمَا. وَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَبْعَدِ الْمَوْضِعَيْنِ، وَهُمَا: الْمَكَانُ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ أَوَّلًا، وَمِيقَاتُ بَلَدِهِ؛ فَلَوْ كَانَ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَوِ الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْقَضَاءِ مِنَ الْمِيقَاتِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ إِلَّا مُحْرِمًا، وَلِأَنَّ تَرْكَهُ لِوَاجِبٍ، أَوْ فِعْلَهُ لِمَحْظُورٍ فِي الْأَدَاءِ لَا يُسَوِّغُ لَهُ تَعَدِّيَ حُدُودِ اللَّهِ فِي الْقَضَاءِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِهِمَا مِنْ فَوْقِ الْمِيقَاتِ، مِثْلَ: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْرَمَ فِي مِصْرٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْقَضَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. هَذَا نَصُّهُ وَمَذْهَبُهُ؛ قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: فِي الرَّجُلِ إِذَا وَاقَعَ امْرَأَتَهُ فِي الْعُمْرَةِ عَلَيْهِمَا قَضَاؤُهَا مِنْ حَيْثُ أَهَلَّا بِالْعُمْرَةِ لَا يُجْزِئُهُمَا إِلَّا مِنْ حَيْثُ أَهَلَّا {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: ١٩٤].
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُشَيْشٍ -: إِذَا أَفْسَدَ الرَّجُلُ الْحَجَّ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ مِنْ حَيْثُ أَوْجَبَ الْإِحْرَامَ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ وَقَدْ أَوْجَبَ الْإِحْرَامَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ قَابِلٍ زَادٌ وَلَا رَاحِلَةٌ، فَعَلَيْهِ مَتَى وَجَدَ.
وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُحْصَرِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: وَيُحْرِمَانِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَا. وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ صَحَابِيٍّ خِلَافُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْحُرُمَاتُ} [البقرة: ١٩٤] فَأَوْجَبَ عَلَى مَنِ انْتَهَكَ حُرْمَةً ... .
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْمُرْسَلَيْنِ: «حَتَّى إِذَا كُنْتُمَا بِالْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتُمَا فِيهِ مَا أَصَبْتُمَا، فَأَحْرِمَا وَتَفَرَّقَا» وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ - وَحَظُّهُ مِنَ الْقِيَاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute