وَافِرٌ -؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَافَةَ قَطَعَهَا بِالْإِحْرَامِ الصَّحِيحِ، وَإِنَّمَا يَقْضِي مَا أَفْسَدَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا: أَنَّ الْوَاطِئَ بَعْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَقْضِي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ.
(فَصْلٌ)
وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا قَضَاءٌ وَاحِدٌ. فَإِنْ كَانَتِ الْحَجَّةُ الْمَقْضِيَّةُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ إِذَا قَضَاهَا، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ نَذْرًا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ قَضَاءً فَأَفْسَدَهَا: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا قَضَاءٌ وَاحِدٌ حَتَّى لَوْ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ أَلْفَ مَرَّةٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلَّا قَضَاءُ الْوَاجِبِ الْأَوَّلِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ إِذَا قَضَاهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ قَضَاءٍ يُفْسِدُهُ إِذَا قَضَاهُ فَإِنَّ قَضَاءَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَإِذَا أَفْسَدَ هَذَا الْقَضَاءَ فَإِنَّ قَضَاءَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَهَلُمَّ جَرًّا. فَمَتَى قَضَى قَضَاءً لَمْ يُفْسِدْهُ: فَقَدْ أَدَّى الْوَاجِبَ. وَقَدْ قِيلَ لِأَحْمَدَ: أَيَّتُهُمَا حَجَّةٌ؛ الَّتِي أَفْسَدَهَا، أَوِ الَّتِي قَضَاهَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.
وَيَنْحَرُ هَدْيَ الْفَسَادِ فِي عَامِ الْقَضَاءِ نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: إِذَا وَطِئَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، أَوْ قَارِنٌ: فَسَدَ حَجُّهُ فِي سَنَتِهِ الَّتِي وَطِئَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ نَحَرَهُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَقَدْ فَسَدَ حَجُّهُ إِلَى قَابِلٍ إِذَا حَجَّ أَهْدَى. وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: يُعَجِّلُ الْهَدْيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَيَقُولُ: مَا يَدْرِي مَا يَحْدُثُ عَلَيْهِ. وَالَّذِي أَقُولُ بِهِ: إِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ نَحَرَهُ، وَإِذَا حَجَّ مِنْ قَابِلٍ أَهْدَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ، وَكَذَلِكَ نَقَلَ الْأَثْرَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute