للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ إِخْرَاجُ الْكَفَّارَةِ فِي السَّنَةِ الَّتِي أَفْسَدَهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَارَّةٌ ثَانِيَةٌ فِي السَّنَةِ الَّتِي يَقْضِي فِيهَا، قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِ أَحْمَدَ - فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ -: إِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ نَحَرَهُ، وَيُهْدِي فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ: يَعْنِي بِهِ هَدْيًا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ: يُهْدِي فِي السَّنَةِ: يَعْنِي يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ.

قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: فَسَدَ حَجُّهُمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَنَةٌ، وَالْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ إِنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ، وَإِنِ اسْتَكْرَهَهَا كَفَّرَ عَنْهَا، وَأَحَجَّهَا مِنْ قَابِلٍ مِنْ مَالِهِ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ فِي الْعَامِ الْمَاضِي.

وَقِيلَ عَنْهُ: يُجْزِئُهُمَا بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ طَاوَعَتْهُ، أَمْ أَكْرَهَهَا؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْإِفْسَادِ وَمُوَاقَعَةِ الْمَحْظُورِ، فَوَجَبَ إِخْرَاجُهُ حِينَئِذٍ كَسَائِرِ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ بِفِعْلِ الْمَحْظُورَاتِ.

وَوَجْهُ الْمَنْصُوصِ: أَنَّ الْحَدِيثَيْنِ الْمُرْسَلَيْنِ، وَآثَارَ الصَّحَابَةِ عَامَّتَهَا: إِنَّمَا فِيهَا الْأَمْرُ بِالْهَدْيِ مَعَ الْقَضَاءِ وَهِيَ الْعُمْدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ، لَكِنَّ بَعْضَ أَلْفَاظِهَا مُحْتَمَلَةٌ وَأَكْثَرُهَا مُفَسَّرٌ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ إِذَا وَجَبَ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ: فَإِنَّمَا يُخْرِجُ الْهَدْيَ مَعَ الْقَضَاءِ كَهَدْيِ الْفَوَاتِ وَعَكْسُهُ الْإِحْصَارُ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْهَدْيَ إِنَّمَا جُبْرَانٌ لِلْإِحْرَامِ، وَهَذَا الْإِحْرَامُ الْفَاسِدُ إِنَّمَا يَنْجَبِرُ بِالْقَضَاءِ وَالْهَدْيِ، بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ يَنْجَبِرُ بِمُجَرَّدِ الْهَدْيِ. فَأَمَّا إِنْ أَتَى فِي الْإِحْرَامِ الْفَاسِدِ مَحْظُورًا مِثْلَ: اللِّبَاسِ وَالطِّيبِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ: فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ ... .

<<  <  ج: ص:  >  >>