للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ أَخْرَجَ هَدْيَ الْفَسَادِ قَبْلَ الْقَضَاءِ ... ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ بِالْإِفْسَادِ إِلَّا هَدْيٌ وَاحِدٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ الْمُرْسَلَيْنِ وَسَائِرِ فَتَاوَى الصَّحَابَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ذِكْرُ هَدْيَيْنِ، وَهِيَ قَضِيَّةُ عَيْنٍ، فَلَعَلَّهُمَا كَانَا قَدْ سَاقَا هَدْيًا، وَهَذَا لِأَنَّ.

فَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَاطِئُ قَدْ سَاقَ هَدْيًا نَحَرَهُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى كَمَا يَقْضِي سَائِرَ الْمَنَاسِكِ، وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ هَدْيِ الْإِفْسَادِ، كَمَا لَا يُجْزِئُهُ عَنْ سَائِرِ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ.

فَإِنْ كَانَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ دَمٌ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ مِنْ لِبَاسٍ أَوْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقَضَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا.

وَإِنْ كَانَ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ؛ مِثْلُ: إِنْ أَحْرَمَ دُونَ الْمِيقَاتِ ثُمَّ أَفْسَدَ الْإِحْرَامَ، أَوْ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَاتٍ قَبْلَ اللَّيْلِ، أَوْ تَرَكَ رَمْيَ الْجِمَارِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ بِفِعْلِ الْقَضَاءِ؟ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا: يَسْقُطُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ مِنْهَا فِي رَجُلٍ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ إِلَى مَكَّةَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَأَفْسَدَهَا: عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا يَرْجِعُ إِلَى الْوَقْتِ يُحْرِمُ مِنْهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَفَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِتَرْكِهِ الْوَقْتَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، قَالَ: لَا.

وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّمَ قَائِمٌ مَقَامَ النُّسُكِ الْمَتْرُوكِ، فَإِذَا قَضَى مَا تَرَكَهُ: فَقَدْ قَامَ الْقَضَاءُ مَقَامَ مَا تَرَكَ فَأَغْنَى عَنِ الدَّمِ، بِخِلَافِ مَا وَجَبَ لِفِعْلٍ مَحْظُورٍ فَإِنَّ ذَلِكَ الْمَحْظُورَ لَمْ يُخْرِجْ عَنْهُ كَفَّارَةً، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ عَادَ إِلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا، فَإِنَّ إِحْرَامَهُ قَدْ نَقَصَ نَقْصًا لَمْ يُجْبَرْ بِالْعَوْدِ إِلَيْهِ، وَهُنَا قَدْ أَحْرَمَ إِحْرَامًا مُبْتَدَأً مِنَ الْمِيقَاتِ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يَسْقُطُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ سُفْيَانَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>