رَجُلٍ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فَأَهَّلَ ثُمَّ جَامَعَ: عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ، قَالَ أَحْمَدُ: عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ وَيَمْضِي فِي حَجَّتِهِ وَيَصْنَعُ مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ، وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ فِي كُلِّ مَا أَتَى لِأَنَّ الْإِحْرَامَ قَائِمٌ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ وَالْهَدْيُ.
وَهَذِهِ اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الدَّمَ الْوَاجِبَ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ لَا يَسْقُطُ بِالْقَضَاءِ، كَمَا لَوْ أَحْرَمَ دُونَ الْمِيقَاتِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْوَقْتِ مُحْرِمًا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْحَجَّةَ الْفَاسِدَةَ حُكْمُهَا حُكْمُ الصَّحِيحِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَجْبُرَهَا إِذَا تَرَكَ وَاجِبًا، أَوْ فَعَلَ مَحْظُورًا، فَلَوْ قُلْنَا: إِنَّ مَا يَفْعَلُهُ فِي قَضَائِهَا يَقُومُ مَقَامَ مَا يَفْعَلُهُ فِيهَا: لَكِنَّا لَمْ نُوجِبْ عَلَيْهِ إِتْمَامَ الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ. وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَضَاءُ يَقُومُ مَقَامَ مَا يَتْرُكُهُ فِي الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهَا، بَلْ قَدْ أَوْجَبَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ إِتْمَامَ الْأُولَى وَقَضَاءَهَا.
وَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا أَوْ قَارِنًا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ، ثُمَّ وَطِئَ فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ أَيْضًا:
إِحْدَاهُمَا: لَيْسَ عَلَيْهِ دَمُ مُتْعَةٍ وَلَا قِرَانٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهُ عَلَى ذَلِكَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: فِيمَا إِذَا وَطِئَ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ أَوْ قَارِنٌ إِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ نَحَرَهُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ إِلَى قَابِلٍ فَإِذَا حَجَّا أَهْدَيَا، وَقَالَ أَيْضًا -: فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مُتَمَتِّعٍ دَخَلَ مَكَّةَ فَوَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ: لَا تَقُلْ: مُتَمَتِّعٌ وَلَكِنْ قُلْ: مُعْتَمِرٌ يَرْجِعُ إِلَى الْمِيقَاتِ الَّذِي أَهَلَّ مِنْهُ، فَيُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا أَهَلَّ بِالْحَجِّ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ.
فَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ دَمَ التَّمَتُّعِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَفَّهْ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ سَفَرٌ آخَرُ فِي الْقَضَاءِ ٣٠
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute