للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّلَاثَةِ. فَإِنْ عَدِمَ الدَّمَ فَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ انْتَقَلَ إِلَى الصِّيَامِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٍّ، فِي الْمُحْرِمِ يَحْلِقُ رَأْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَذًى لَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَحْلِقُ مِنْ أَذًى؛ إِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ مِنْ أَذًى فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْفِدْيَةِ. وَمِثْلُ هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا. وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ؛ مِثْلِ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ: وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي تَعْلِيقِهِمْ خِلَافًا.

قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَإِنْ حَلَقَ رَأْسَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَلَيْسَ بِمُخَيَّرٍ فِيهَا فَيَلْزَمُهُ دَمٌ. وَإِنْ تَنَوَّرَ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ عَلَى التَّخْيِيرِ.

فَفَرْقٌ بَيْنَ حَلْقِ الرَّأْسِ وَالتَّنَوُّرِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِأَنَّ حَلْقَ الرَّأْسِ نُسُكٌ عِنْدَ التَّحَلُّلِ، فَإِذَا فَعَلَهُ قَبْلَ وَقْتِهِ فَقَدْ فَعَلَ مَحْظُورًا وَفَوَّتَ نُسُكًا فِي وَقْتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ. بِخِلَافِ شَعْرِ الْبَدَنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي حَلْقِهِ تَرْكُ نُسُكٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا ذَكَرَ التَّخْيِيرَ فِي الْمَرِيضِ وَمَنْ بِهِ أَذًى، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمَعْذُورِ بِخِلَافِ ذَلِكَ لِوُجُوهٍ؛ أَحَدُهَا: أَنَّ مَنْ حَرْفُ شَرْطٍ وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطٍ عُدِمَ عِنْدَ عَدَمِهِ حَتَّى عِنْدَ أَكْثَرِ نُفَاةِ الْمَفْهُومِ.

وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ هُنَا: وُجُوبُ فِدْيَةٍ عَلَى التَّخْيِيرِ إِذَا حَلَقَ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>